توب ستوريفن

كواليس مشهد عبدالعزيز محمود المثير

في فيلم “شباك حبيبي” إنتاج عام 1951، كان هناك مشهد بسيط على الورق، لكنه تحول إلى حدث لا يُنسى أثناء التصوير. يظهر فيه الفنان عبدالعزيز محمود وهو يحمل ضلفتي شباك ويصعد بهما إلى شقة حبيبته نور الهدي لتركيب الشباك، مشهد يحتاج تركيزًا ومهارة جسدية واضحة، إلا أن ما حدث خلف الكاميرا أضاف للمشهد بعدًا دراميًا غير متوقع.

 

بدأ التصوير ببروفات متعددة، حيث كان عبدالعزيز يتدرب على رفع الضلفتين بحذر، مع مراعاة سلامة فريق العمل. ومع اقتراب اللحظة الحاسمة، حمل الضلفتين ليضعهما في مكانهما، لكن القدر شاء أن تفلت الضلفة من يده فجأة وتسقط على كتف أحد العمال الموجودين في موقع التصوير.

 

تصرف عبدالعزيز يومها كان سريعًا لكنه متسم بالصرامة، حيث صرخ في العامل بسبب هفوة غير مقصودة. أدى هذا إلى غضب العامل الذي اعتقد أن ما حدث كان عمداً من عبدالعزيز، وقرر رفع قضية ضده. المشهد كان على وشك أن يتحول إلى أزمة، لكن تدخل طاقم العمل كان حاسمًا، إذ أوضحوا للعامل أن الواقعة كانت حادثًا عرضيًا، وأن عبدالعزيز سيتكفل بعلاجه وتعويضه عن أي ضرر. بعد ذلك هدأ العامل، وتراجع عن قراره، وتم إعادة المشهد مرة أخرى.

 

في إعادة التصوير، بدا عبدالعزيز أكثر حرصًا ودقة في رفع الضلفتين. نجح في البداية في وضعهما في مكانهما الصحيح، وبدأ يستدير ليتفاعل مع نور الهدي في المشهد. لكن، وكأن القدر أراد أن يختبر صبره، سقطت الضلفة مرة ثانية، لكن هذه المرة على رأس عبدالعزيز نفسه. لحظة مؤلمة وغير متوقعة، لكنها أثبتت شجاعة الفنان وقدرته على التعامل مع المفاجآت في مواقع التصوير الحقيقية.

 

هذا المشهد لم يكن مجرد حادثة كوميدية خلف الكواليس، بل أصبح حديث الفريق واستحوذ على قصص الكواليس في السينما المصرية القديمة. فقد جسدت الواقعة تحديًا حقيقيًا، بين الحرص على سلامة الفريق والحفاظ على سير التصوير بسلاسة، وفي الوقت نفسه أظهرت تفاعل عبدالعزيز محمود البشري مع الأحداث الواقعية، وهو ما جعله نموذجًا للفنان المحترف الذي لا يهاب المخاطر.

 

وبالرغم من سقوط الضلفة على رأسه، استمر عبدالعزيز في التصوير بنفس الاحترافية، وأكمل المشهد في اليوم نفسه، ما يدل على قوة إرادته والتزامه بالعمل، حتى مع المواقف الطريفة والمحرجة. هذه الواقعة تعكس جانبًا من روح الكوميديا الواقعية في السينما المصرية القديمة، حيث كانت الحياة اليومية للممثلين جزءًا من الأداء الفني، والسينما تتغذى من تجارب الواقع والخطأ غير المتوقع.

 

في النهاية، مشهد تركيب الشباك في فيلم “شباك حبيبي” أصبح من أشهر كواليس السينما المصرية، ليس فقط لما فيه من تحديات عملية، بل لما أظهره من احترافية عبدالعزيز محمود، وروح الفريق، ومواجهة المفاجآت بابتسامة وإصرار. الحادثة لم تكن عائقًا، بل صبغت الفيلم بألوان الواقعية والكوميديا على حد سواء، وجعلت من شباك حبيبي قصة متكررة في روايات الكواليس التاريخية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى