

أكد الدكتور نبيل العتوم، مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الاستراتيجية، أن تدريبات الحرس الثوري الإيراني الأخيرة ليست مجرد نشاط عسكري اعتيادي، بل تمثل محاولة واضحة لإعادة تثبيت الردع الإيراني بعد الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها طهران خلال حرب الـ12 يوماً التي شاركت فيها إسرائيل والولايات المتحدة. وأشار الباحث السياسي إلى أن هذه التدريبات تأتي ضمن الاستعدادات الإيرانية لأي مواجهة محتملة مع إسرائيل.
الردع الإيراني بعد الحرب
خلال مداخلة عبر قناة الحدث، أوضح العتوم أن المناورات جاءت بعد مرور خمسة أشهر فقط على الحرب، في محاولة لإثبات أن إيران لم تُستنزف وما زالت قادرة على التصعيد وتحديد قواعد اشتباك جديدة في المنطقة. وأضاف أن التدريبات تمثل ردًا رمزيًا على الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، وتسعى طهران من خلالها لإظهار قدرتها على تأمين محيطها البحري رغم الضغوط الأخيرة.
رسائل موجهة للولايات المتحدة وإسرائيل
أشار العتوم إلى أن توقيت المناورات يحمل رسائل واضحة، أولها للولايات المتحدة، حيث حرص الحرس الثوري على توجيه تحذيرات مباشرة للسفن الأمريكية في الخليج، في خطوة تهدف إلى رفع مستوى التوتر “المدروس”، وإبراز القدرة على فرض معادلات جديدة في ممرات الملاحة الحيوية.
كما تتضمن الرسائل أيضًا إسرائيل، من خلال إعلان إيران نشر أنظمة دفاع جوي متطورة واستخدام الذكاء الاصطناعي في الرصد والمراقبة، ما يعكس محاولة طهران التأكيد على تطوير قدراتها الدفاعية والردعية رغم الضربات التي استهدفت منشآتها العسكرية والنووية.
وأشار العتوم إلى أن إيران تحاول كذلك إبراز نفسها كشريك قوي عبر الحديث عن تحالفاتها مع الصين وروسيا، واستخدام قدراتها الصاروخية والمسيرات كورقة ضغط في أي مواجهة محتملة، مع توظيف الملف اليمني ونفوذ حزب الله في لبنان في هذا السياق.
البعد الداخلي للمناورات
أوضح الباحث السياسي أن التدريبات تحمل بعدًا داخليًا مهمًا، إذ تهدف القيادة الإيرانية إلى رفع الروح المعنوية لدى الرأي العام بعد مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري خلال الأشهر الماضية، مع التركيز الإعلامي على تصوير المناورات كمظهر من مظاهر “التضحية والصمود”، لإعادة بناء الثقة داخل الشارع الإيراني.
تقييم موقف إيران الاستراتيجي
واختتم الدكتور العتوم بالإشارة إلى أن إيران تمر بمرحلة ضعف داخلي غير مسبوق نتيجة الانقسامات داخل مؤسسات النظام، ما انعكس على موقفها التفاوضي، خاصة فيما يتعلق بملفها النووي. وأكد أن إيران تعيد توجيه قدراتها نحو تطوير الصواريخ أكثر من التركيز على النووي بسبب ضعف دفاعاتها الجوية، الأمر الذي يمنح خصومها فرصة لتنفيذ ضربات مستقبلية.




