اطلق البروفوسير الامريكي “ماكس مايوراينك” لفظ حروب الجيل الرابع خلال
مؤتمرا في معهد الامن القومي الاسرائيلي، وذكر تعريفا لها بانها تلك الحرب
التي يتم فيها “الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة الاستقرار الدولة، ثم فرض
واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية”.
تعد(محمد عبدالحليم،2020،ص 1060) حروب الجيل الاول هي الحروب التي
كانت تستخدم فيها الاحجار، و المعادن كسيوف و الدروع، و العجلات الحربية،
والمنجانيق، اي انها الحروب التي حدثت منذ بداية الانسانية، حيث يتم الحشد
القوات وقائدهم بالامام، و هنا كانت الابواق الاعلامية في تلك الحقبة، ما وصلنا
من نقوش علي المعابد، قصائد عن لمعارك، و الفتوحات من السيرة.
حتي تم اختراع البارود، و البندقيات التي حلت محل السيوف والمدافع التي
حلت محل المنجانيق، مثل حروب نابليون، فنجد نفس الحشود القديمة بالاضافة
الي قوات المشاه السملحين بالبنادق، ثم المدفعية، اما عن الاعلام فهنا بداية
ظهور المطابع، حيث ادرك نابليون انه في حاجة الي دعاية لحملاته ليصل بالناس
الي ما يريده، مما دعاه الي تاسيس مطبعة في مصر في 16 مارس 1798، ولان
المطبعة في تلك الوقت هي الاداة الاعلامية الوحيدة، فقد علم بونابارت اهميتها
فقد عمل مطبعة علي ظهر سفينة اللوريان، وكانت تتطبع باسم طبع علي ظهر
اللوريان في مطبعة الجيش البحري” وطبع فيها المنشورات التي يريد بها
مخاطبة المصريين باللغة العربية.
تطور الفكر في اتجاه الشر و الحروب، فظهرت لنا حروب الجيل الثالث، بداية من
الحرب العالمية الأولى، وظهور الدبابات والمدرعات والطائرات المقاتلة، والظهور
المدمرات والبوارج والغواصات، يطبق عليها معارك الأسلحة المشتركة الحديثة،
التى تشارك فيها القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوى والقوات
الخاصة، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، واستخدام القنبلة الذرية ضد اليابان،
فى ناجازاكى وهيروشيما، وحرب فيتنام، فى نوفمبر 1955،التى حاربت فيها
الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 9 سنوات ونصف، وانتهت الحرب بانتصار فيتنام
الشمالية، وانسحاب القوات الأمريكية، وهنا تكبدت أمريكا، أكبر خسائر بشرية
فى تاريخها، إذ فقدت نحو 58 ألف جندى قتيل، فضلا عما يزيد على 1600جندى
فى عداد المفقودين. لذلك بدأ البنتاجون فى توفير بدائل للتدخل العسكرى،
ومعركة السادس من اكتوبر المجيد، وهنا يظهر لنا الدور الاعلامي في الجيل
الثالث من الحروب، .
فظهر فكر الحرب بالوكالة(سمير فرج، 2020) كما فعلت امريكا عندما شعرت
باقتراب الخطر السوفيتي من بترول الخليج، عندما تم الانقلاب علي حاكمها
الملك ظهر شاه، وتصاعد الفكر الشيوعي بها، وتم توقيع اتفاقية مع الاتحاد
السوفيتي “اتفاقية الصداقة الافغانية السوفيتية حيث تدخل السوفيت
العسكري في حالة طلبت منه افغانستان ذلك في عام 1978، ادي هذا الخوف
الامريكي الي تفكير امريكا في طريقة لطردهم دون خسارة بشرية، فدعمت
حركة الكجاهدين بالسلاح و الاموال، حتي نجحوا في قتل السوفيت وطردهم
من البلاد، وهنا كان للإعلام دور مهم فكانت الحملات دعائية تم عملها لأجل
“تحويل” موقف الناس من الحكومة الثورية. هنا وجدت امريكا ان الشيطان الذي
كونته، قد انضم لتنظيم القاعدة، الذي قام بأحداث 11 سبتمبر2001.
لذلك علمت امريكا ان مشروع حرب الوكالة غير مجدي بالشكل الكافي، فظهر
مفهوم حروب الجيل الرابع، القائم علي هدم الدولة من الداخل، بدون قوة
عسكرية مباشرة، وبعد هدم الدولة، يتم فرض الإرادة الخارجية، وإملاء الشروط
عليها، وهو ما كانت تحققه القوات العسكرية، بخسائر أكبر. وبالرجوع للتعريفات
الدولية، يتضح أن حروب الجيل الرابع، هى نوع من الحروب، التى يكون المشارك
فيها ليس دولة، بل جهة فاعلة، غير حكومية، وتضيف المراجع العلمية
العسكرية، أنها حرب معقدة، طويلة الأمد، لامركزية التخطيط، تعتمد على الهجوم
المباشر على ثقافة الخصم، وأساسها الحرب النفسية، من خلال وسائل الإعلام
الحديثة، وشبكة الإنترنت، مما يودي بنا الي حروب الجيل الخامس وهي القائمة
بشكل كبير و اساسي علي احتلال العقول، فامام تلك العقول التي تم تغذيتها
بما يرمي اليه المستعمر نجد ان احتلال ارضها يتم بسهولة ودون نقطة دم من
جندي محتل.
داعش والتواصل الاجتماعي:
يقول (محمد الزيات،2014) يعد ما تهدف اليه داعش الان هو ان تظهر في شكل
اننا امم مثلكم، نشعر و نفرح و نحزن، فمثلا، يستهدف اعلام داعش الأشخاص،
بإنشاء فراغ معلوماتي عن المعلومة الحقيقية، ما يؤدي الي تقبلهم للشائعة
بديلة.
ساعدهم في ذلك الاتطلاع الواسع للجهاديين الاعلاميين، ودرايتهم الجيدة
باللغات، و المستوي الثقافي للشعوب و الاشخاص المستهدفين.
لاغراء الناس المستهدفة تم نشر سيارات تويوتا و BMW اخر طراز مطلية
بالذهب، كما نشروا صور لاطباء يتجولون في مستشفيات داعش يحملون بين
أيديهم أطفال حديثي الولادة، محاطين بصفوف من حضانات الأطفال الحديثة
التي قد تكون غير متوفرة بتلك الكثافة في بعض الدول، في محاولة منها لتطبيع
العلاقات ، الا ان من لديه بعض المنطق لن يراه الا انه وضع شاذ، كما انه من
خلال الموقع الرسمي “ولاية البركة” يتم نشر تسجيلات عن نمط معيشتهم
وتقارير يوضح فيها إقامة الحدود على الأفراد، فنجد تقارير تصور إقامة الحد على
السارق والساحر ومن يقوم بسب الله عز وجل وغيرها، وعند إقامة تلك الحدود
يتم إلقاء بيان يوضح الحكم الشرعى لتلك الحدود. كما يتم نشر تقارير مصورة
للأماكن التى يقوم التحالف الدولى بقصفها لتوضيح التدمير الناتج عن ذلك
القصف ، كما أن هناك تفاعل كبير بين المتابعين وأعضاء التنظيم من خلال طرح
الاسئلة والتعليقات ويقوم أعضاء التنظيم بالرد عليها بشكل دوري ، لم يكن
الموقع وحده بل اصدروا مجلة ورقية علي موقع أمازون، وتوفرت أعداد ورقية من
المجلة فى عدد من الدول الغربية مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية
وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا، هذا بالإضافة إلى مجلة القسطنطينية،
وكلاهما يصدران بلغات مختلفة وصلت إلى 6 لغات، وتصدر المجلات بجودة عالية
من حيث مستوى الطباعة والأغلفة، يستخدم التنظيم وسائل التواصل
الاجتماعي مثل face book و twitterبهدف الاختراق الشعبي لاغتيال الروح
المعنوية او عمل عمليات غسيل العقول. وفي النهاية لابد من معرفة ان ما وردنا
من الاجداد سواء منقوشا علي جدران المعابد، او مسرودا في السيرات، مما
عليه ان ما ننشره الان هو ما سيراه الجيل القادم.
المراجع:
-
أندرية بليانى، مابعد الدولة الاسلامية: مستقبل تنظيم “داعش” في منطقة المشرق العربي، 2014، حالة الاقليم، عدد10.
-
دلال محمود، مقرر الدراسات الاستراتيجية، 2015، القاهرة، مصر.
-
زينب عز الدين، أثر حروب الجيل الرابع على الأمن القومي العربي دراسة حالة: تنظيم “الدولة الاسلامية”، 2016، المركز الديمقراطي العربي، القاهرة مصر.
-
سمير فرج، تطور الحروب حتى حروب الجيل الرابع والخامس، 2020، بوابة الاهرام، القاهرة.
-
محمد مجاهد الزيات، تقسيم محتمل: السيناريوهات التالية في منطقة المشرق العربي، 2014، مجلة اتجاهات الأحداث، العدد الاول.
-
محمد عبد الحليم، تعرض طلبة اجلامعات آلليات حروب الجيل الرابع بموقع القنوات الفضائية الاخبارية، وعلاقته بمستويات الوعي وبمخاطرها علي الأمن القومي المصري: دراسة في إطار مدخلي لإدارة الصراع والتهديدات المجتمعية، 2020، مجلة البحوث الاعلامية، كلية الاعلام، جامعة الازهر، القاهرة، مصر