
يعتبر الأب هو السند الوحيد لأبنائه، فالأب هو الراعي الرسمي للأسرة وحامي الحماة، فالأبناء في احتياج دائم لنوع من الحماية والرعاية المختلفة عن ما تقدمه الأم، ويعتبر الأب أقوى داعم في حياة المرء، وخاصة للفتيات فهو الأمان الذي يحتويهم بشكل دائم، وفارس أحلامهم، ولكن توجد أباء غيرت هذا المفهوم، حتى أصبحوا نقمه على أولادهم بسبب ما يقومون به فى حقهم، حتى وصل الأمر الى قيام الأبناء بالتخلص من أبائهم.
بداية الواقعة
بداية الواقعة عندما وبخ الأب، ويدعى ميخائيل خاتشاتوريان، بناته الثلاثة، كريستينا وأنجلينا وماريا، بسبب ما أسماه بحالة ” الفوضى المنزلية” ، مهددا بأشد العقاب إذا لم تتخذن اللازم حيال ذلك، الفتيات ربما يدركن ماذا يمكنه أن يفعل بهن، فهو يحمل من القسوة ما يكفيه لإجبار زوجته على مغادرة المنزل قبل هذا التاريخ بثلاثة سنوات كاملة، وكان الأب ضخم الجثة، لم يرحم فتياته بعد عودته إلى المنزل، فهو أكثر الناس وفاءً بالوعيد أكثر من وفائه بوعوده، فاستحضرهن إلى غرفته، وبدأ تعذيبهن برش رذاذ الفلفل عليهن، ليطفح الكيل بهن ويكون التفكير وضع نهاية لتلك المأساة هو شغلهن الشاغل.
وكان الأب، تبدو عليه كل علامات التدين، فهو أرثوذكسى مواظب على الصلاة فى الكنائس، بل وحرص على الذهاب إلى القدس للتبرك من الأماكن المقدسة هناك، إلا أنه فى داخل منزله يبدو وحشا كاسرا، يتلذذ بتعذيب بناته فى سادية، بعدما أفرط فى إهانة زوجته لسنوات قبل مغادرتها منزله.
جريمة قتل
ففي يوليو عام 2018 هاجمت ثلاث فتيات مراهقات على أبيهن بينما كان نائما في منزلهم الكائن في موسكو، وسددن له طعنات وضربات حتى فارق الحياة، وأكد مصدر في جهاز الأمن الروسي أن إحدى الشقيقات الثلاث، اتصلت بالشرطة بعد جريمة القتل، حيث تم على أثر ذلك العثور على جثة الرجل وبها عدة طعنات وجروح في رقبته وصدره.
ماذا حلّ بالأب؟
في مساء يوم السابع والعشرين من يوليو 2018، استدعى ميخائيل خاشاتوريان، 57 عاما، بناته الثلاثة كريستينا وأنغلينا وماريا، التي كانت قاصرا آنذاك، استدعاهن الأب واحدة تلو الأخرى إلى غرفته، وراح يعنفهن على التقصير في تنظيف المنزل، وجعل يرشّ على وجوههن رذاذ الفلفل الحار، وعد هذا التعنيف يبدو أن الفتيات أعددن خطتهن بإحكام، حتى يمكنهم التخلص من الكابوس، دون عقوبة، فالأدوات اللاتى استخدمناها كانت رذاذ الفلفل، وسكين صيد ومطرقة، حيث قامت ماريا وأنجيلينا بمهاجمته بسكين الصيد، بينما انقضت عليه كريستينا لترشه برذاذ الفلفل، حتى يفقد توازنه، ويصبح الطريق مفتوحا أمام أنجلينا لتطعنه بسكين الصيد فى قلبه طعنة واحدة.
اقرأ أيضاً.. تفاصيل أشهر محاكمة في التاريخ.. يا ترى إيه اللي حصل؟
واعتقلت الشرطة الفتيات الثلاث البالغات من العمر 17 و18 و19 سنة، وأثناء التحقيق الأولي أوضحن أن الأب تسبب لهن لفترة طويلة بمعاناة أخلاقية، وكشفت التحريات إلى أن والد الفتيات عكف على ارتكاب انتهاكات جسدية ونفسية بحقهن على مدى سنوات طويلة، وباتهامهن بجريمة قتل، بات خبر الأخوات أحد أهم الموضوعات إثارة للجدل في روسيا، حتى إن أكثر من 300 ألف شخص وقّعوا على عريضة تطالب بإطلاق سراحهن.
تحقيقات الشرطة
وكشفت التحقيقات الشرطة الروسية، عن تاريخ ممتد من العنف الأسري في ذلك المنزل، وكيف أن الأب خاشاتوريان دأب على ضرب فتياته على مدى ثلاث سنوات، وتعذيبهن ومعاملتهن معاملة السجينات، بالإضافة إلى ارتكاب انتهاكات بشعة بحقهن، وأُثبتت في لائحة الاتهامات شهادة الأخوات ضد أبيهن.
العنف الأسري
سرعان ما بات الخبر قضية رأي عام في روسيا. ورأى النشطاء الحقوقيون أن الأخوات ضحايا ولسن مجرمات؛ إذْ لم يجدن سبيلا للحماية من انتهاكات والدهن، فضلا عن أنه لا توجد قوانين تحمي ضحايا العنف الأسري في روسيا، وبموجب قانون معدّل صادر في 2017، إذا قام شخص لأول مرة بضرب أحد أفراد أسرته، دون أن يؤدي هذا الضرب إلى إيداعه في المستشفى، فإن المعتدي يواجه الغرامة أو الحبس لفترة أسبوعين على أقصى تقدير.
وعادة ما تتعامل الشرطة مع العنف الأسري باعتباره ” مسائل عائلية” ، ومن ثم تحجم عن تقديم يد العون لمن يبلغون عن هذا الأمر، وكانت أُمّ الأخوات، أوريليا داندك، التي عانت أيضا الضرب والانتهاك من خاشاتوريان في الماضي، قد استنجدت بالشرطة قبل سنوات، وكذلك فعل الجيران الذين كانوا يخافونه. لكن لا يوجد ما يدل على أن الشرطة حركت ساكنا إزاء أي من تلك المناشدات.
وفي وقت حدوث جريمة القتل، لم تكن أم البنات تعيش معهن بأمر من الأب خاشاتوريان، وبحسب تقييمات محللين نفسيين، فإن الفتيات فُرضت عليهن عزلة وعانين اضطرابات ما بعد الصدمة، وسارت مجريات قضية الأخوات خاشاتوريان بوتيرة بطيئة، ولم تعد الفتيات قيد الاحتجاز، لكنهن خاضعات لقيود تتضمن المنع من التحدث إلى الصحافة، والحديث فيما بينهن.
وتصرّ النيابة على أن جريمة قتل خاشاتوريان خُطط لها سلفا؛ فقد كان نائما وقد نسقت الأخوات أفعالهن، وسحبن السكين في وقت سابق ذاك النهار. وترى النيابة أن الانتقام كان هو الدافع للجريمة، وحال إدانتهن في تهمة قتل أبيهن، ستواجه الفتيات حكما بالسجن مدة أقصاها عشرين عاما، وتشير التحقيقات إلى أن أنغلينا حملت المطرقة، بينما كانت السكين في قبضة ماريا، أما كريستينا فهي التي حملت بخاخة رذاذ الفلفل.
ويقول محاميو الأخوات إن الواقعة كانت في حقيقة الأمر دفاعا عن النفس، ويسمح قانون العقوبات الروسي بالدفاع عن النفس ليس في حالات الاعتداء المباشر فحسب، وإنما كذلك في حالات ” الجريمة المستمرة” كما في حالات الاختطاف التي تخضع فيها الضحية للتعذيب، ويصرّ الدفاع على أن الأخوات كنّ ضحايا ” جريمة مستمرة” ومن ثم ينبغي إطلاق سراحهن. ويأمل محاميو الأخوات في أن تسقط الدعوى، وقد أكدت التحقيقات أن خاشاتوريان الأب عكف على انتهاك بناته منذ مطلع عام 2014، كما يتطلع نشطاء حقوقيون وكثير من الروس الآن إلى تغيير القانون وتوفير تدابير كتقديم ملاذات ممولة من الدولة، وفرض مبادئ ومسارات محددة للتصدي للسلوك العدواني للمنتهكين.
اقرأ أيضاً.. قضية الآثار الكبرى.. السجن المشدد 5 سنوات لحسن راتب و10 لـ علاء حسانين