


ولد الفنان الكبير محمود عبد العزيز في الرابع من يناير عام 1946 بمنطقة الورديان في الإسكندرية، لأسرة بسيطة؛ والده تاجر ووالدته ربة منزل. منذ نعومة أظافره أظهر شغفاً بالفن، فبدأ التمثيل في مدرسة شجر الدر الابتدائية، واستمر تألقه حتى الثانوية العامة حيث حصل على الميدالية الذهبية كأفضل ممثل على مستوى الإسكندرية.
رغم حلمه الكبير بالالتحاق بمعهد السينما، رفض والده السماح له بدخول القاهرة تماماً، فقرر محمود متابعة دراسته في كلية الزراعة جامعة الإسكندرية، لكنه لم يتخلَّ عن شغفه بالتمثيل. سعى لاكتشاف المسرح الجامعي، وكان أول تحدٍ له حين توجه في الخامسة صباحاً إلى المسرح رغم أن المكان لم يكن مفتوحاً، مؤكداً عزيمته على متابعة حلمه الفني.
خلال سنوات الدراسة الجامعية، التقى بمخرجين عملوا على صقل موهبته، وأصبح له تواصل مع بعض مخرجي التلفزيون، بينهم محمد فاضل الذي لاحظ موهبته الفذة. ومع استمرار شغفه، تطوع محمود عبد العزيز في الدفاع المدني عام 1967، حيث تميز بمظهره ولباسه العسكري الذي أثار إعجاب السكان المحليين.
بعد انتهاء فترة الدفاع المدني، توجه إلى التلفزيون لمقابلة المخرج الذي وعده بفرصة، لكنه واجه خيبة أمل حين رفضه المخرج على الفور، ما دفعه للتفكير في الهجرة إلى أوروبا لتجربة حظه. سافر إلى اليونان وإيطاليا والنمسا، وعمل في بيع الجرائد وواجه صعوبات كبيرة، لكنه ظل متمسكاً بعزيمته على النجاح وتحقيق حلمه الفني.
في أوروبا، عاش حياة مليئة بالتحديات، بين النوم على الأرصفة والعمل الشاق، لكنه تعلم من هذه التجارب الصبر والمثابرة. بعد فترة عاد إلى مصر، حيث واصل تعليمه وحصل على ماجستير في دور عسل النحل في تلقيح النباتات، مع الاحتفاظ بشغفه بالتمثيل.
أثناء دراسته العليا، انضم إلى منتخب الجامعات للتمثيل، ما فتح له أبواب الفن مجدداً. عمل مساعد مخرج مع نور الدمرداش في عدة مسلسلات، حتى أسند إليه دور ظابط مخابرات في مسلسل “ك** لاب الحراسة”، الذي جذب الأنظار إليه وبدأت الفرص الفنية تتوالى، ليصبح لاحقاً أحد أعمدة السينما المصرية.
رحلة محمود عبد العزيز تمثل مثالاً حياً على الإصرار والشغف الذي يحوّل العقبات إلى فرص، وعلى قدرة الموهبة الحقيقية على فرض نفسها مهما كانت الظروف والتحديات.




