
أثار دخول وفد يضم أكثر من 1000 شخص يدّعون صفة الكهنوت إلى القدس المحتلة تحت رعاية حكومة الاحتلال الإسرائيلي، موجة انتقادات واسعة من قبل القيادات المسيحية الفلسطينية والمجتمع الدولي.
وأكد ديمتري دلياني، رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، أن هذه الزيارة تمثل تحركًا دعائيًا مصمّمًا لاختلاق غطاء روحي زائف يتيح للاحتلال الإسرائيلي ترويج روايته السياسية وتبييض جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
اختيار الحائط والمواقع الحساسة
وأشار دلياني إلى أن اختيار الوفد للصلاة عند حائط البراق، الذي يعد جزءًا من المسجد الأقصى المبارك، تم دون الحصول على موافقة الأوقاف الإسلامية، الممثل الحصري للمسلمين، مما يشكل اعتداءً على قدسية المكان.
وأضاف أن هذا الإجراء يحمل رسالة سياسية واضحة تهدف إلى تعزيز الرواية الإسرائيلية من خلال رموز دينية يسعى البعض إلى استغلالها.
وأكد دلياني أن بعض المشاركين، وعلى رأسهم مايك إيفانز المعروف بدعمه المباشر للحملات الصهيونية، يعملون على فتح مسارات تأثير صهيونية داخل الولايات المتحدة عبر أكثر من 200 مشارك مرتبطين بحزب الجمهوري وحركة “ماغا”.
موقف الكنائس والمجتمع المسيحي
وأوضح دلياني أن مجلس كنائس الأراضي المقدسة ومجلس كنائس الشرق الأوسط والمجلس العالمي للكنائس لا يعترفون بهذا النوع من المسيحية، معتبرين أن خطاب المسيحية الصهيونية انحراف صريح عن جوهر الإيمان المسيحي وقيمه الإنسانية، خاصة حين يُستخدم كغطاء لجرائم الاحتلال.
وأضاف: “القدس أكبر من كل هذه المحاولات، وثقلها الروحي الحقيقي حاضر في تاريخها وفي أهلها جميعًا الذين يميزون بين الإيمان الحقيقي والتلاعب بالمعتقدات لخدمة مشاريع سياسية”.
المسيحية الصهيونية.. مصطلح مرفوض
في السياق ذاته، أكد المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، أن الكنائس الفلسطينية لا تعترف بما يسمى المسيحية الصهيونية، مشددًا على أن: “إما أن تكون مسيحيًا وإما أن تكون صهيونيًا”، مشيرًا إلى أن المزج بين المسيحية والصهيونية مرفوض تمامًا.
وأوضح المطران أن هؤلاء المدعين للمسيحية الصهيونية لا يلتقون مع الكنائس الفلسطينية ولا يزورون كنيسة القيامة في القدس أو كنيسة المهد في بيت لحم، بل يقتصر نشاطهم على المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية والجولان، دعمًا للسياسات العنصرية التي تمارس ضد الفلسطينيين.
وأضاف: “أفضل أن نطلق عليهم اسم المتصرهينون الذين يدعون الانتماء للمسيحية زورًا وبهتانًا، فمبادئهم لا تعكس القيم المسيحية الأصيلة القائمة على الرحمة والمحبة والسلام”.
خلط الدين بالسياسة.. استهداف الوعي الروحي
يرى القيادات المسيحية أن هذه الزيارات لا تهدف إلى تعزيز التفاهم بين الأديان أو دعم الإيمان، بل استغلال الرموز الدينية لتبرير سياسات الاحتلال. ويؤكدون أن القدس، بعراقتها الدينية والتاريخية، لا يمكن أن تُستغل كأداة دعائية لصالح أي جهة سياسية أو عسكرية.
التأثير على المجتمع الدولي
هذه الزيارة أثارت نقاشًا واسعًا على المستوى الدولي، حيث اعتبر العديد من المراقبين أن المسيحية الصهيونية تمثل تحديًا كبيرًا للقيم الدينية الحقيقية، لأنها تحاول توظيف الرموز الروحية لدعم مشاريع سياسية واقتصادية قائمة على التمييز العنصري والاحتلال.
خلاصة
يبقى موقف الكنائس الفلسطينية حازمًا وواضحًا: رفض كل محاولات المزج بين الدين والمصالح السياسية، ورفض التلاعب بالمقدسات، مع التأكيد على أن الإيمان المسيحي الحقيقي يقوم على الرحمة والمحبة والعدالة، وليس على دعم الاحتلال أو المشاريع العنصرية.




