
في عام 1991، شهد مهرجان القاهرة السينمائي حدثًا استثنائيًا بقدوم النجم الهندي الشهير أميتاب باتشان كضيف شرف للمهرجان. لقد كانت شعبية أميتاب باتشان في مصر طاغية، فقد اعتاد الجمهور المصري على متابعة أفلامه كل عيد، حيث كان فيلمه يمثل جزءًا من احتفالات العيد، حتى أن الأطفال والكبار على حد سواء نشأوا على مشاهدة أفلامه، فأصبح اسمه مرتبطًا بالسينما الهندية في مصر بلا منازع.
منذ لحظة وصوله إلى مطار القاهرة، ظهر واضحًا أن الحدث لم يكن عاديًا، إذ امتلأت صالات المطار بالجماهير التي جاءت لاستقباله، وتحوّلت الطرقات والشوارع المحيطة بالمطار ومكان إقامته إلى مشهد أشبه بالمظاهرة، مؤكدين عشقهم الكبير للنجم الهندي. هذا التجمهر الجماهيري الكبير أعاد إلى الأذهان إمكانية استثمار النجوم الهنود في حملات تنشيط السياحة، كما فعلت الإمارات مع شاه روخان.
أميتاب باتشان عبّر عن محبته لمصر خلال زيارته، وزار البلاد ثلاث مرات، مشيرًا إلى العلاقات التاريخية العميقة بين مصر والهند، خاصة خلال فترة التقارب بين نهرو وعبد الناصر في ستينيات القرن الماضي. وخلال كلمته في المهرجان، أشاد بالعديد من نجوم الفن المصري مثل عادل إمام، فاتن حمامة، يسرا، سمير صبري، إلى جانب الكتاب نجيب محفوظ وصفية العمرى ولبلبة، مشيرًا إلى تأثره بأفلام مثل “ليالي الحلمية”.
خلال زيارته، لم تقتصر نشاطات أميتاب على المهرجان فقط، بل قام بزيارة الأهرامات والنيل، وركب الجمال، وعبّر عن رغبته في لقاء أسرة الرئيس الراحل أنور السادات. وبفضل وساطة الفنان سمير صبري، تواصل مع جيهان السادات وتمت استضافته في منزل الأسرة، حيث التقط الصور التذكارية، وقد أظهر أحفاد السادات إعجابًا واضحًا به، وهو ما يعكس تأثير أفلامه على أجيال مختلفة.
أما عن جانب شخصيته، فقد صرح أميتاب باتشان أكثر من مرة أنه لا ينتمي لأي دين بعينه، قائلاً إنه مجرد هندي يحترم التعاليم الروحية المختلفة لكنه لا يؤمن بعقيدة محددة. كما كشف عن معنى اسمه الحقيقي “أميتاب”، الذي يعني “الضوء الذي لن يخبو بريقه أبدًا”، في إشارة إلى رمزياته الفنية والإنسانية التي جسدها طوال مسيرته السينمائية.
وقد أصبح اسم أميتاب باتشان في مصر مرادفًا للنجوم الهنود عامةً، حتى أن شاه روخان لاحظ أن الجمهور المصري يلقب أي هندي باسم “أميتاب”. هذه الشعبية الجارفة تعكس مدى تأثير السينما الهندية على الثقافة الجماهيرية المصرية، وكيف استطاع النجم الهندي أن يترك بصمة لا تُنسى على أرض مصر.
زيارة أميتاب باتشان لمصر في عام 1991 لم تكن مجرد حضور نجم عالمي لمهرجان، بل كانت حدثًا شعبيًا وثقافيًا يتجاوز حدود السينما، ليصبح علامة على العلاقة العميقة بين الجماهير المصرية والفن الهندي، وحب مصر للنجوم الذين تمكنوا من إدهاش العالم بأعمالهم الفنية، تاركين أثرًا خالدًا في الذاكرة السينمائية العربية.




