
ولدت السيدة عطيات البدري، التي عرفها الجمهور لاحقًا باسم كريمة مختار، في السادس عشر من يناير عام 1934 بمدينة حلوان، لتكون الثالثة بين شقيقتيها عواطف وفوزية. ترعرعت في أسرة متوسطة، إذ كان والدها يعمل في شركة ماركوني، وكانت حياتها في البداية عادية، حتى اكتشفت شغفها الحقيقي: الموسيقى.
على عكس المتوقع، لم تقع عطيات في حب التمثيل، بل انجذبت إلى الموسيقى منذ الصغر، فكانت تقضي يومها في ثلاثة أشياء رئيسية: المذاكرة، الاستماع إلى الموسيقى، والعزف على البيانو. ومع مرور الوقت، نما شغفها بالموسيقى بشكل جعلها تهمل دروسها الدراسية لصالح دروس الموسيقى، ما أدى إلى نشوب خلافات بينه وبين والدها الذي كان يرغب في أن تركز على دراستها. نتيجة لذلك، أصدر والدها قرارًا بحرمانها من دروس الموسيقى، وهو ما اعتبرته عطيات صدمة كبرى.
تروي عطيات: “عندما قرر والدي حرماني من دروس الموسيقى، شعرت أن حياتي فقدت معناها. كانت الأنغام تجري في عروقي مع دمي، وأرتعد كلما سمعت دقات البيانو، وأحس بقوة تجذبني إليه”. ومع ذلك، لم تستسلم، فقررت البحث عن معهد الموسيقى سرًا بعيدًا عن أعين والدها، لكن القدر أوقعها بالخطأ في معهد التمثيل، حيث قابلت الفنان زكي طليمات.
استمعت عطيات إلى نصائح طليمات، وروى لها عن موهبتها الحقيقية، فأخذها إلى معهد الموسيقى وطلب منها أن تنضم لمعهد التمثيل كمستعمة، متصلًا بوالدها الذي اقتنع في النهاية بموهبة ابنته، بعد محاولات عدة من طليمات لإقناعه. ورغم أن موعد الامتحان الرسمي كان بعد شهرين، قام طليمات بتشكيل لجنة خاصة لاختبار عطيات، ونجحت في الاختبار بتفوق، لتبدأ رحلة تعليمها الفني بعيدًا عن إرادة والدها وأمها.
نظرًا لرغبة والدها في تمييزها، اختار لها اسم كريمة مختار، الذي أصبحت تعرف به على الساحة الفنية. في السنة الثانية من دراستها، بدأت العمل مع بابا شارو في الإذاعة، حيث نمت موهبتها، وبدأت تأخذ أدوار البطولة تدريجيًا، ما أكسبها خبرة كبيرة وثقة في الأداء.
ورغم نجاحها في الإذاعة، كانت كريمة مترددة في خوض تجربة السينما، معتبرة أن للتمثيل على الشاشة مقومات خاصة قد لا تتوافر لديها. استمرت على هذا الموقف حتى عام 1965، عندما أقنعها حسين كمال بأنها مؤهلة للسينما، وطلب منها المشاركة في فيلم “المستحيل” إلى جانب نادية لطفي وكمال الشناوي. بعد تفكير، قررت خوض التجربة، ووضعت شرطًا: إذا نجحت، ستستمر في السينما، وإذا لم تنجح، تعود إلى الإذاعة.
ومع أول ظهور لها على الشاشة، أثبتت كريمة مختار جدارتها، وأصبحت بعدها مطلوبة من قبل المخرجين، لتبدأ رحلة طويلة من النجومية في الإذاعة والسينما على حد سواء، محافظة على مكانتها كواحدة من أبرز الفنانات في تاريخ الفن المصري.




