
تُعد الفنانة أمينة رزق واحدة من أبرز رموز الفن المصري، وأشهر “أم” في تاريخ السينما العربية. جسّدت على الشاشة صورة الأم الطيبة، الحنون، المتفانية في إسعاد الآخرين، والزوجة الوفية التي تفيض بالحنان والعطاء. وعلى مدار مسيرتها الطويلة، أصبحت رمزًا للأم المصرية الأصيلة التي تجيد احتضان من حولها بالمحبة والعطف.
لكن خلف تلك الملامح الوديعة، خاضت أمينة رزق واحدة من أعنف المعارك الفنية على شاشة السينما، عندما وقفت أمام الفنانة ناهد شريف في فيلم “عاصفة من الحب” عام 1961، الذي أخرجه وكتبه حسين حلمي المهندس.
الأم القاسية التي تدفع ابنها للثأر
قدّمت أمينة رزق في الفيلم شخصية مغايرة تمامًا لصورتها المعتادة. لعبت دور “أم حامد”، المرأة المتسلطة التي تحرّض ابنها على الثأر لوالده، بعد أن شبّ نزاع دموي بين عائلتين — “العبابدة” و“الرزايقة”.
يؤدي الفنان صلاح ذو الفقار دور الابن “حامد”، الذي يستجيب لضغوط والدته ويسعى للانتقام، قبل أن تتغير حياته تمامًا حين يلتقي براقصة الفرقة الزائرة للقرية، خلدية (ناهد شريف).
ناهد شريف.. الراقصة التي غيرت نظرة البطل
تُظهر “خلدية” جانبًا إنسانيًا عميقًا في شخصيتها، فبرغم عملها كراقصة، فإنها فتاة شريفة دفعتها ظروف اليُتم إلى العمل لكسب رزقها. ومع الوقت، يقع حامد في حبها ويقتنع بصدقها ويتزوجها رغم اعتراض والدته الشديد.
تتحول العلاقة بين “الأم” و“الزوجة” إلى صراع نسائي قوي على الشاشة، تجسد فيه أمينة رزق الصلابة والقسوة في مواجهة ناهد شريف التي تمثل الرقة والبراءة.
مؤامرة الأم.. ونهاية مأساوية
لم تستسلم الأم “أم حامد” لزواج ابنها، فلجأت إلى المكائد لإفساد العلاقة بينه وبين خلدية.
تدّعي المرض لتستدعي ابنها، وتخفي عنه رسائل زوجته، وتقنعه بأنها عادت للرقص.
تستغل طيبة ابنها لتزوجه من “زينب” (نادية الجندي)، ابنة كبير عائلة الرزايقة، طمعًا في نفوذ العائلة ودعمها السياسي لابنها في الانتخابات.
لكن الحقيقة تظهر في النهاية عندما يكشف شيخ الصيادين مؤامرتها، فيعود حامد إلى زوجته خلدية ليجدها على فراش الموت. تموت الزوجة الطيبة، لكن موتها يضع حدًّا لدوامة الكراهية والثأر، ويعيد السلام إلى القريتين.
أمينة رزق.. من الحنان إلى القسوة
قدّمت أمينة رزق في “عاصفة من الحب” واحدة من أقوى أدوارها التراجيدية، إذ جمعت بين ملامح الأم الحنون والمرأة الغاضبة المتمردة التي تدفعها الغيرة والانتقام إلى التدمير.
أكد الفيلم قدرتها على تغيير جلدها الفني، والانتقال من أدوار الحنان إلى أدوار الصراع ببراعة نادرة.
لم تكن هذه المعركة مجرد حكاية بين أم وابن أو بين امرأتين، بل كانت رمزًا لصراع القيم بين الخير والشر، والحب والانتقام، وقدمتها أمينة رزق بعمق جعل الجمهور يتعاطف معها رغم قسوتها.




