توب ستوريحوادث

تفاصيل أشهر محاكمة في التاريخ.. يا ترى إيه اللي حصل؟

لكل جريمة عقاب، ويجب تنفيذه حتى لا تكثر الجريمة، ويتم تتنفيذ الأحكام من قبل المحكمة، ولكن ليس شرط أن من ينفذ عليه الحكم يكون هو المتهم، فيوجد بعض الأشخاص الذي تم تتنفيذ الحكم عليه وهم أبرياء.
وكانت توجد محكمة فى الولايات المتحدة الأمريكية قبل ثلاث قرون، وقد اخذت هذه المحكمة شهرة واسعة وذلك بسبب ما حدث داخل هذه المحكمة والتى كانت تعرف باسم محكمة ماساتشوستس، وتعتبر هى أغرب محكمة في التاريخ.

وقد شهد محكمة ماساتشوستس قبل ثلاثة قرون أحد أشهر الوقائع التي مرت في تاريخ القضاء الأمريكي فقد جاءت هذه المحكمة لتكون القشة التي قسمت ظهر البعير وأنهت تاريخ طويل من الفساد القضائي في الولايات المتحدة الأمريكية.

محكمة ماساتشوستس
هي محكمة كبيرة كانت تقع في قرية صغيرة تُسمى سالم، و كانت تتبع إحدى المستعمرات الأمريكية الشهيرة في هذا الوقت، مستعمرة ماساتشوستس، وقد اعتادت هذه المحكمة أن تنظر في جميع القضايا المتعلقة بالقرية، وأن تجعل حكمها بالطبع حسب الأهواء والنفوذ والسلطة، فالغني في هذا الوقت لم يكن مثل الفقير أبدًا، والعدل لم يكن سوى كلمة صغيرة تُكتب على باب المحكمة، لكن، بالرغم من كل هذا الظلم، كان ما حدث في محكمة ماساتشوستس فبراير 1693 فوق كل التوقعات.

بداية القصة
وفي يناير 1693، كان يوجد فتاتان يعيشان في بيت من بيوت الطبقة شبه الحاكمة، الفتاة الأولى تسعة أعوام والثانية إحدى عشر عام، وعندما كان والدهما القس يجلس جوارهما قاما فجأة وأصدرا أصوات غريبة وفعلتا حركات أغرب، حيث بدأت التشنجات والهستيريا الشديدة في الظهور عليهما دون وجود سبب مُقنع، بل إنهما قد تجاوزا ذلك وبدأتا في تهشيم أثاث البيت دون تعقّل أو تفكير، وللأسف، نجحت خطتهما في الوصول إلى كل من شاهدهما، حيث أدرك الجميع أنهما يُصدران هذه الأفعال الغريبة نتيجة لإصاباتهما بمس من الشيطان أو ما شابه.

الادعاء الكاذب
وبدأت المحكمة بالإعداء الكاذب من قِبل الفتاتين بأنهما قد تعرضا لنوع من أنواع المس أو التلبس الشيطاني المذموم، وأن شخص ما من السحرة قد أوقع بهما حتى يكونا ما عليه الآن، وبالرغم من أن الأب لم يقتنع في البداية واستدعى الطبيب إلا أن الطبيب الذي جاء لم ينفي ما قاله الفتاتان بل أكد عليه، حيث قال بعدم وجود أمراض طبية جسدية وأن الأمر كله يتعلق بوخز شيطاني يُمكن أن يكون نابعًا من السحر أو ما شابه، لكن الأمر برمته في الحقيقة كان مُجرد قصة من ابتكار الفتاتين، فلا وجود لمس شيطاني بل ثمة مكر طفولي بحت. الأسباب الحقيقية الأسباب الحقيقة لما حدث، والتي لو عُرفت ما كانت محكمة ماساتشوستس انعقدت من الأساس، أن الفتاتين كانا يقومان بتمثيلية على والدهما كي يفلتان من العقاب المحتوم.

مهزلة قضائية
فقبل هذه الحادثة بيوم كان قد شاهدهما وهما يلعبان مع أبناء الطبقة السُفلى، وهو أمر يستحق العقاب الشديد من وجهة نظره، إلا أن الفتاتين بمكرٍ ودهاء تمكنا من جعل هذا العقاب يطل أشخاص آخرين ليس لهم أي ذنب فيما حدث، حيث قامت محكمة ماساتشوستس ووقعت أكبر مهزلة قضائية في التاريخ، وذلك كله من أجل مكرٍ طفولي سافر، و تفاقم الوضع حتى وصل للقضاء، وبدأت محكمة ماساتشوستس باستدعاء ضحايا أبرياء ليس لهم أي يد في القضية، حتى قيل أن الدوريات الأمنية كانت تخرج في الطريق وتأخذ كل من يقابلهم من العامة، كما أن المتسولين أيضًا لم يسلموا من قبضة القضاء، حيث تم استدعائهم أيضًا بدعوى أنهم غير موثوق فيهم من الأساس.

القبض على سكان القرية
وقد تم القبض على كل من له علاقة بالسحر والشعوذة من قريب أو بعيد، حتى أولئك الذين ذهبوا إلى أحد السحرة من أجل العلاج أو الأعمال تم القبض عليهم، ليتفاجأ الجميع بأنه قد تم القبض على أكثر من ربع سكان قرية سالم وأكثر من نصف العامة، لتبدأ بعد ذلك عملية الفلترة والتنقيح، وبدأت مسرحية محكمة ماساتشوستس بتصفية المقبوض عليهم عقب تحقيقات أقل ما يُقال عليها أنه مُضحكة، ليصل إجمالي عدد المُتهمين إلى مئة وخمسين مُتهمًا، جميعهم لا يعرفون أسباب القبض عليهم من الأساس وأغلبهم تم إجبارهم على التوقيع في وثيقة الاتهام والقبول بالتهم المنسوب إليه، والحقيقة أن القضاة التي كان يتم تعينهم من قِبل محكمة سالم كانوا بعد الاطلاع على ملابسات القضية المُضحكة يبدون رفضهم وغضبهم ويبتعدون كل البعد عن القضية، حتى أن ذلك قد فتح بابًا للاعتراضات والشعور بأن أمر ما مُريب يحدث في الخفاء، لكن ذلك لم يستمر طويلًا، إذ ظهر من القضاء صنف ظالم قبل بالمحاكمة وبدأ في إصدار الأحكام كذلك.

اضراب أهالي قرية سالم
وبعد كل هذه الأحداث بدأت المحكمة في تنفيذ أحكامها في الثاني والعشرين من سبتمبر، حيث تم إعدام أكثر من عشرة أشخاص في يوم واحد دون وجود سند أو اتهامات مقبولة من الأساس، مما اضطر أهالي قرية سالم إلى الخروج والاعتراض على الحكم والتنديد به، لكن هذا لم يمنع من إعدام أربعة أشخاص آخرين صبيحة اليوم التالي، تبعهم عدة أحكام بالإعدام والسجن المؤبد أيضًا، لكن، مع تصاعد الأحداث، وارتفاع وتيرة الإعدامات المجنونة، ثار شعب سالم ثورة عارمة ضد محكمة ماساتشوستس نفسها وليس فقط مجرد الاعتراض على أحكام الإعدام، وبدأت الأمور تتغير وتأخذ مُنعطفًا جديدًا.

انهيار المحكمة
مع تصاعد الأحداث واضراب الأهالي لم تستطع محكمة ماساتشوستس الصمود أمام وتيرة الاحتجاجات، فتم إلغاء أحكام الإعدام المُزمع تنفيذها وتبرأة كل من تبقوا على زمه القضية، أما التصعيد الأكبر فقد جاء بحل محكمة ماساتشوستس وإبعادها عن القضاء نهائيًا، حيث لم تكن تلك القضية الأولى من نوعها التي يحدث فيها هذا الظلم البين، وإن كانت الأشد ظلمًا بين كل المرات، لكن الشيء الملفت في حادثة محكمة ماساتشوستس، وما كان مدعاة لتخليدها بالطبع، هو أن العالم، والشعب الأمريكي خاصةً، لم يستطع نسيان ما حدث في هذه الحقبة، وفعل كل ما بوسعه لتخليد ضحاياها.

نصب تذكاري
و تمكنت الحكومة الأمريكية عام 1922 من التعرّف على المكان الحقيقي الذي تم فيه تنفيذ أحكام إعدام محكمة ماساتشوستس، وهناك تم عمل نصب تذكاري للضحايا وتخليد ذكرى إعدامهم بيوم تاريخي يُطلق عليه يوم الحرية، أما فيما يتعلق بالأشخاص الذين تم إعدامهم ظلمًا فقد تم تبرأتهم من قِبل مجلس الشيوخ عام 1922 أيضًا، وتم اعتبار أي شخص من سلالتهم من الأخيار، عدا ذلك الشخص الذي تم إعدامه هو وزوجته وطفلته الوحيدة.

وتم تخليد هذه القضية بطريقة خاصة بعض الشيء، حيث سُميت بعض المحاكم الموجودة في ولاية ماساتشوستس باسمه هو وزوجته وطفلته، كما تم اعتبارهم رمزُا للظلم على مر التاريخ، وذكروا كذلك في الكتب والمناهج التعليمية، أما إجمالًا، فلم يستطع أحد من مُرتكبي مهزلة محكمة ماساتشوستس من الإفلات من قبضة التاريخ، حيث تم ذكرهم دائمًا بأبشع ما يُمكن أن يُذكر به قاضٍ أو حاكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى