
وُلد يونس شلبي عام 1941 في مدينة المنصورة، وكان الابن الوحيد بين ثلاث أخوات. جاء إلى الدنيا في أسرة كانت الحياة فيها تبدو مستقرة، فوالده كان أحد كبار تجار القطن، لكن دوام الحال لم يدم، إذ تعرض والده لأزمات مالية كبيرة أفقدته كل ممتلكاته، وانتهت حياته بالحزن والاكتئاب، ليجد يونس الصغير نفسه يتيم الأب في سن الثلاث سنوات فقط.
في تلك المرحلة العصيبة، تولت والدته مسؤولية الأب والأم معًا، مكرسة حياتها لرعاية أبنائها الثلاثة. نجحت الأم في تزويج ابنتيها الأكبر والأصغر، لكنها رفضت جميع عروض الزواج الخاصة بها، مفضلة أن تظل بجانب يونس الذي أصبح محور حياتها، وكل همها كان مكرسًا لسعادته وحمايته.
كان حب يونس لأمه عميقًا، حتى إن حياته الشخصية وحياته العاطفية كانت تخضع لهذا الحب الكبير. فكلما فكر في الزواج، كانت أول وأهم مسألة تدور في ذهنه هي قدرة العروس على تقبل وجود أمه ومكانتها في حياته، وربما لهذا السبب تأخر كثيرًا قبل أن يجد شريكة الحياة التي كانت خير سند له، قادرة على احترام هذا الرابط الخاص بينه وبين والدته.
خلال فترة دراسته في كلية التجارة بالقاهرة، كان يونس ينتظر الإجازة بفارغ الصبر، إذ كانت توفر له فرصة للعمل في الحسابات بمستشفى أبو الريش، وهو عمل كان يمكنه من توفير بعض المال لدعم والدته، ليخفف عنها عبء المعيشة، ويؤكد استقامته واعتماده على نفسه دون أن يمد يد العون لها مادياً من غيره.
لكن الحياة لم تكن رحيمة به دومًا، فقد مرت والدته إلى جوار ربها، وانهار يونس أمام هذه الخسارة. صرخ في لحظة ألم: “شراييني ماتت معاك يا أمي”، وكانت هذه الكلمات انعكاسًا لحجم الحب والتعلق بينهما. وبعد وفاة والدته، تعرض يونس لتدهور صحي ونفسي كبير، أصيب بسلسلة من الجلطات في القلب والمخ، وخضع لعمليتين في القلب المفتوح، بالإضافة إلى تعرضه لشلل نصفي، ما أدى إلى استنزاف كل مدخراته على العلاج.
مع الأزمات الصحية المتتالية، لم يعد يونس قادرًا على ممارسة التمثيل، بل لم تكن هناك عروض تُقدَّم إليه. ظل في البيت لفترة طويلة، يعيش على ذكريات الماضي، حتى جاءت لحظة مقابلة مع التلفزيون. سُئل فيها عن شعوره تجاه عدم تواصل زملائه معه، فبكى وقال: “سعيد صالح وحسن مصطفى يسألون عني دائمًا، وأنا لست زعلانًا من أحد.. أعذرهم، أكيد عندهم شغل، ونحن في زمن صعب وكل واحد لديه مسؤوليات”.
تظل حياة يونس شلبي مثالًا على التضحية والحب العميق بين الأبناء والآباء، وعلى أن الوفاء والاحترام للأهل يمكن أن يشكلا محور حياة الإنسان، حتى في مواجهة صعوبات الحياة والأزمات الصحية، فيقوى المرء على الصبر والمضي قدمًا رغم كل الصعاب.




