
أطلق اتحاد الصناعات الألمانية (BDI)، اليوم الثلاثاء، تحذيراً شديد اللهجة بشأن مستقبل الاقتصاد الألماني، مؤكداً أن البلاد تمرّ بمرحلة غير مسبوقة من التراجع الاقتصادي، تُعد الأخطر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وجاء التحذير وسط مؤشرات متتالية تُظهر تباطؤاً حاداً في الطاقة الإنتاجية وتراجعاً في مستويات الاستثمار وتزايد الضغوط على سوق العمل.
وقال رئيس اتحاد الصناعات، بيتر ليبنغر، إن الاقتصاد الألماني — الذي لطالما كان أقوى اقتصاد في القارة الأوروبية وأحد أكبر الاقتصادات الصناعية عالمياً — “يعيش حالة سقوط حر”، في ظل غياب الإجراءات الحكومية الكافية لاحتواء الأزمة. وأشار إلى أن الحكومة الفيدرالية تتباطأ في اتخاذ الخطوات الحاسمة المطلوبة، رغم التحذيرات المتكررة من المؤسسات الاقتصادية والمستثمرين منذ بداية العام.
وأوضح ليبنغر أن استمرار التراجع الحالي دون تدخل سريع سيؤدي إلى “تداعيات خطيرة” على القطاعات الصناعية الأساسية، مثل صناعة السيارات والهندسة الميكانيكية والكيماويات. كما أشار إلى أن ضعف الطلب العالمي وارتفاع تكاليف الإنتاج والطاقة فاقم من حالة الانكماش، في وقت تعاني فيه الشركات من ضغوط مالية تهدد قدرتها على المنافسة والاستمرار داخل الأسواق الدولية.
وأكد رئيس الاتحاد أن الحلول المطلوبة يجب أن تتجاوز المعالجات المؤقتة، داعياً الحكومة الألمانية إلى تبني حزمة إجراءات عاجلة تتضمن: تحفيز الاستثمارات، وتسهيل بيئة الأعمال، وتقديم دعم مالي مباشر للصناعات المتضررة، بالإضافة إلى تسريع خطط التحول الرقمي والطاقة المستدامة.
كما شدد على أن غياب رؤية اقتصادية واضحة قد يدفع العديد من الشركات إلى نقل عملياتها إلى دول أخرى توفر بيئة استثمارية أكثر جذباً، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان آلاف الوظائف وتهديد استقرار سوق العمل الألماني على المدى الطويل.
وفي سياق متصل، يراقب الأوروبيون بقلق تطورات الوضع في أكبر اقتصاد بالقارة، حيث تشير تقارير مراكز الأبحاث المالية إلى أن استمرار الانكماش في ألمانيا سيؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الاتحاد الأوروبي بأكمله، ويهدد سلاسل الإمداد والتجارة الإقليمية.
ويأتي هذا التحذير الجديد امتداداً لسلسلة تحذيرات مماثلة صدرت خلال الأشهر الماضية، مع تفاقم الضغوط على البورصات الأوروبية وتراجع معدلات النمو، في وقت تصارع فيه الاقتصادات العالمية للتعافي من الأزمات الجيوسياسية واضطرابات الطاقة.
ومع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، ينتظر المستثمرون إعلان الحكومة الألمانية عن خطوات جديدة خلال الأسابيع المقبلة، وسط دعوات لتوفير رؤية واضحة تعيد الثقة للقطاعين الصناعي والمالي، وتمنع انزلاق الاقتصاد إلى مرحلة أكثر خطورة.


