
تستمر الدراسات العلمية والأبحاث الطبية في التأكيد على أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل، ليس فقط من منظور التغذية والصحة الجسدية، بل أيضًا لتأثيرها المباشر على نمو الدماغ وتطور القدرات العقلية.
وتوصي معظم الجهات الصحية العالمية والمحلية بالرضاعة الطبيعية الحصرية لمدة ستة أشهر، مع الاستمرار في الرضاعة إلى جانب الأطعمة التكميلية حتى عمر السنتين أو أكثر، لما لها من تأثيرات طويلة المدى على الصحة الجسدية والنفسية للأطفال.
الدكتورة سمية أحمد راضي، أستاذة طب الأطفال ومتخصصة في الرضاعة الطبيعية، أوضحت في لقاء تليفزيوني أن الرضاعة الطبيعية لا تساعد فقط على نمو الطفل بشكل صحي، بل تعزز المهارات العقلية والمعرفية، وتخفف التوتر النفسي، وتحد من الاكتئاب، كما تقلل من مخاطر البلوغ المبكر.
هذه الفوائد تمتد حتى مرحلة المراهقة، حيث يُظهر الأطفال الذين رُضعوا رضاعة طبيعية حصرية نتائج أفضل في التحصيل الدراسي والصحة النفسية، مقارنة بالأطفال الذين اعتمدوا على الحليب الصناعي أو الرضاعة المختلطة.
وأظهرت دراسة شملت أكثر من 300 ألف طفل أن الأطفال الذين تلقوا الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى كانوا أقل عرضة للبلوغ المبكر، مقارنة بمن اعتمدوا على الحليب الصناعي حصريًا. وقد ارتفعت احتمالية البلوغ المبكر لدى الأولاد الذين تناولوا الحليب الصناعي بنسبة 16%، بينما وصلت النسبة لدى الفتيات إلى 60%. أما الأطفال الذين جمعوا بين الحليب الصناعي والطبيعي فكانت النسبة 14% لدى الأولاد و45% لدى الفتيات.
ويرتبط البلوغ المبكر بزيادة مخاطر القلق والاكتئاب، وانخفاض تقدير الذات، وإمكانية التعرض لمشكلات صحية مثل أمراض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان، فضلاً عن تأثيراته السلوكية والاجتماعية.
كما تساهم الرضاعة الطبيعية في تقوية الروابط العاطفية بين الأم والطفل، حيث تعزز إفراز مادة الأوكسيتوسين التي تقلل التوتر وتعزز مشاعر المودة، وهو تأثير دائم يمتد حتى مرحلة المراهقة.
وللرضاعة الطبيعية أثر إيجابي أيضًا على الأم، إذ تساعدها في فقدان الوزن، وتحفز الرحم على الانقباض بعد الولادة، وتقلل خطر الاكتئاب، كما تدعم تنظيم النسل وتوفر الوقت والمال المرتبط بالرعاية الغذائية للطفل.
من هنا، تؤكد الخبراء أن استمرار الرضاعة الطبيعية لأكثر من عام وحتى عمر السنتين يعزز من الصحة الجسدية والعقلية للطفل، ويخفض مخاطر البلوغ المبكر، ما يجعلها الخيار الأمثل لكل أم تسعى لتأمين مستقبل صحي ومتوازن لأطفالها.





