
تزايدت خلال الأسابيع الأخيرة المطالب داخل القطاع السياحي بالبحر الأحمر بسرعة تنفيذ قرارات حظر سير شاحنات النقل الثقيل على الطرق السياحية، خاصة طريق الغردقة – الزعفرانة، بعد سلسلة من الحوادث المأساوية التي شهدها الطريق بين الشاحنات الضخمة والأتوبيسات السياحية المتجهة بين الغردقة والقاهرة، وأسفرت عن مصرع وإصابة العشرات من السائحين والمرافقين المصريين من مرشدين وسائقين.
وشهد الطريق، أمس، حادثًا مأساويًا جديدًا إثر تصادم أتوبيس سياحي يقل فوجًا من السائحين بسيارة نقل «تريلا»، ما أدى إلى مصرع وإصابة 39 أجنبيًا ومصريًا.
ويُعد طريق الغردقة – الزعفرانة من أخطر الطرق السياحية الحيوية في مصر، إذ يشهد حركة مكثفة لوسائل النقل يوميًا، حيث تنطلق مئات الأتوبيسات فجرًا نحو القاهرة تقل آلاف السائحين في طريقهم إلى المتاحف والمعابد، بينما تتكدس على نفس المسار شاحنات الرخام والبضائع والمواد الخام القادمة من محاجر جنوب البحر الأحمر ومتجهة إلى المصانع والموانئ. ومع ضيق الطريق وغياب الإضاءة الكافية في قطاعاته الجبلية، تتحول الرحلات الفجرية إلى مغامرات محفوفة بالمخاطر.
يقول جمال علي، أحد سائقي الأتوبيسات السياحية:
«نغادر الغردقة في الثالثة فجرًا والطريق مظلم تمامًا، وفجأة تظهر أمامنا شاحنة ضخمة بلا إضاءة كافية، في كل رحلة نعيش لحظات بين الحياة والموت».
بينما يؤكد المرشد السياحي محمود صابر أن تكرار الحوادث لم يعد صدفة، مضيفًا:
«نفقد زملاء وسائحين بسبب الإهمال، والحل الوحيد هو تطبيق الحظر الليلي على سير النقل الثقيل، فأرواح السائحين أمانة في أعناقنا جميعًا».
أما السائق محمود سالم فيصف الطريق بأنه «رحلة بين الجبال والصحراء تتحول إلى مقامرة بالحياة»، مشيرًا إلى أن غياب لوحات التحذير والإنارة في بعض المناطق يجعل القيادة مهمة خطيرة تتكرر كل ليلة.
وطالب العاملون في القطاع السياحي بأن تُحدد مواعيد لسير النقل الثقيل بعيدًا عن أوقات الذروة السياحية، مع تفعيل الحظر الليلي حتى السادسة صباحًا، كما شددوا على ضرورة توسعة الطريق وإنارته بالكامل وإنشاء حارات منفصلة للشاحنات في المناطق الجبلية للحد من التداخل المروري.
من جانبه، قال بشار أبو طالب، نقيب المرشدين السياحيين بالغردقة، إن الطريق يعد من أكثر الطرق عرضة للحوادث في مصر نتيجة تداخل الاستخدام السياحي مع الصناعي، مشددًا على أن تطبيق قرارات تنظيم السير سيخفض نسبة الحوادث بدرجة كبيرة، داعيًا إلى تشغيل أنظمة مراقبة ذكية وكاميرات حرارية لرصد المخالفات في الفترات الليلية.
وأضاف:
«كل يوم نسمع عن حادث جديد، والضحايا أغلبهم سائقون أو مرشدون شباب. لا يمكن أن نستمر في تجاهل الكارثة حتى يفقد الطريق سمعته كأحد أهم شرايين السياحة في مصر. الطريق الذي كان يفترض أن يكون جسرًا بين البحر والتاريخ تحول إلى شريان خطر يهدد الأرواح كل ليلة».
واتفق العاملون في القطاع على أن الحل يجب أن يكون جزءًا من خطة حكومية متكاملة تشترك فيها وزارات النقل والداخلية والسياحة والبيئة، تشمل إعادة تأهيل الطرق السياحية بالبحر الأحمر، وتوسيعها وإنارتها بالكامل، وإنشاء نظام مرور ذكي يربطها بشبكة مراقبة موحدة، مع فرض غرامات صارمة على المخالفين، حفاظًا على سمعة المقصد السياحي المصري الذي يتأثر عالميًا بكل حادث يقع على هذه الطرق الحيوية.




