

في عالم السينما، تتكرر المواقف الغريبة والصعبة أثناء تصوير المشاهد الخطرة، لكن بعض القصص تظل محفورة في الذاكرة. هكذا روى المخرج حسام الدين مصطفى واحدة من أكثر تجاربه إثارة للدهشة، أثناء تصويره لفيلم “الأشرار”، مع النجمة ناهد شريف، حيث واجه تحديًا استثنائيًا جمع بين الثعبان والممثلة، وسط صحراء أبو رواش القاحلة.
بدأت القصة عندما قرر حسام تصوير مشهد يتضمن ثعبانًا من نوع الكوبرا، يلتف حول عنق بطلة الفيلم. استدعى أحد الرفاعية المعروفين لتوفير الثعبان، إلا أن الرفاعي جاء بثعبان صغير، وهو ما رفضه المخرج على الفور، مصممًا على الحصول على كوبرا حقيقية. لكن الرفاعي أبدى تخوفه: “الكوبرا ضخمة جدًا، وإذا انزعجت قد تلتف حول عنق ناهد وتسحقها”، واقترح تعقيم الثعبان من السم قبل التصوير.
رغم التخطيط الدقيق، أصر المخرج مصطفى على تنفيذ المشهد، مؤكداً أنه سيضع فريق الفيلم مزودًا بالسكاكين لمواجهة أي تهديد محتمل. لكن الضمير المهني والإنساني للرفاعي حال دون المخاطرة بحياة ناهد شريف، وعاد في اليوم التالي بنفس الثعبان الصغير، رافضًا جلب الكوبرا.
بدأ التصوير باستخدام الثعبان الصغير في لقطات متفرقة، وتم تصويره وهو يلتف حول عنق ناهد بعد إزالة السم منه، مع الحرص على سلامة النجمة. استمرت عملية التصوير لفترات طويلة، وتطورت علاقة نوعية بين الفريق والثعبان، حتى أصبح هناك نوع من الألفة بينهما.
وبسبب هذه الألفة، اضطر المخرج إلى تعديل المشهد النهائي. فكان المخطط الأصلي أن ينتهي المشهد بمشهد قتل الثعبان على يد رشدي أباظة، حيث يتم ضربه بالصخر حتى الموت. لكن، بعد ملاحظة التصرفات الهادئة للثعبان، قرر حسام تغيير الخاتمة احترامًا له. وهكذا اكتفى بإطلاق رصاصتين على الثعبان بواسطة عادل أدهم، ما أعطى المشهد الدرامي المطلوب سينمائيًا، دون تعريض الحيوان للأذى الفعلي.
بعد انتهاء التصوير، أعاد الرفاعي الثعبان إلى ملكه، مع نفس الحفاوة والإكرام التي استُقبل بها، في مشهد يوضح احترام صناع الفيلم لكل الكائنات، حتى ولو كانت خطرة.
تظل هذه القصة واحدة من أبرز الحوادث في تاريخ السينما المصرية، حيث التقى الشجاعة المهنية بالمبادئ الإنسانية، وأثبت أن الواقعية في المشاهد لا تعني بالضرورة التضحية بالحياة، سواء كانت حياة البشر أو الحيوانات. تجربة حسام الدين مصطفى مع ناهد شريف والثعبان تعكس تحديات تصوير المشاهد الخطرة، وتبرز مدى حرص المخرجين على سلامة فريق العمل والممثلين، مع الحفاظ على أصالة المشهد الدرامي في الوقت نفسه.




