توب ستوريخدمي

ليلى حمدي.. من خفة ظل الشاشة إلى دهاليز المخابرات: الحكاية الكاملة لملف «رفيعة هانم»

لم تكن ليلى حمدي، صاحبة الوجه البشوش والجسد الممتلئ وخفة الظل التي ميزت حضورها السينمائي، مجرد ممثلة للأدوار الخفيفة كما ظلت الجماهير تتصور. خلف الكاميرات كانت هناك حكاية مختلفة تماماً، أكثر تعقيداً وغموضاً، تمتد خيوطها لتتشابك مع واحد من أخطر الملفات في تاريخ المخابرات المصرية خلال الستينيات، الفترة التي شهدت استخدام بعض النساء في عمليات سرية قُبيل نكسة يونيو.

 

بدأت القصة حين أدخل الرائد موافي لأول مرة سيدات إلى منظومة العمل الاستخباراتي عام 1963، مستغلاً شهرتهن ومكانتهن الاجتماعية لإيقاع شخصيات عربية وأجنبية مهمة، إما للحصول على معلومات حساسة، أو لتصوير تلك الشخصيات في أوضاع مُحرجة تُستخدم لاحقاً للضغط السياسي. وفي أحد التحقيقات التي تناولت نشاط «موافي»، ظهر اسم ليلى حمدي على نحو مفاجئ وغير متوقع.

 

كانت ليلى قد صُوّرت مع أحد الرجال في وضع بدا مُخلاً، رغم عدم دخولها في علاقة كاملة معه. لكن براعة الرائد موافي في التصوير جعلت الصور كفيلة بتهديد مستقبلها الفني والاجتماعي. وقف موافي أمامها قائلاً:

“إما العمل معنا… أو نشر الصور.”

وبذلك أصبحت ليلى حمدي رسميًّا ضمن منظومة العمليات السرية، وكان اسمها الكودي «رفيعة هانم».

 

استُخدمت «رفيعة هانم» حينها في الإيقاع بعدد من الفنانات، وذكرت الأحرف الأولى لبعضهن في تقارير متعددة: س.ح، ش.م، ب.ع. وقد كانت تتقاضى راتبًا شهريًا، إضافةً إلى تسهيلاتٍ للعمل في عدد كبير من الأفلام، ما جعل وجودها دائمًا في الكواليس محاطًا بالريبة.

 

وتعود أشهر الوقائع المرتبطة باسمها إلى حادثة وُصفت في الوسط الفني بـ “الفخ”، حين اصطحبت الفنانة س.ح—بحسب ما رواه البعض—إلى حفلة خاصة، حيث قُدّم لها مشروب مخدر، ثم صُوّرت في أوضاع مُخلة دون وعي. وقد تحدثت الفنانة «س.ح» بنفسها في تسجيل صوتي نادر عن الواقعة، مؤكدة أنها خُدعت بواسطة فنانة وثقت بها. وربط كثيرون في الإعلام والفن بين هذه القصة وبين اختفاء ليلى حمدي المفاجئ عن الأضواء بعدها مباشرة، وهو اختفاء ما زال يحيط به الغموض حتى اليوم.

 

ورغم تلك الظلال القاتمة، فإن ليلى حمدي كان لها وجه آخر بعيد تمامًا عن عالم الأسرار. ولدت باسم إقبال أحمد خليل في 7 أغسطس 1929 بسوهاج، وتخرجت في مدرسة المعلمات. تزوجت أولاً من الضابط عواد الزياتي الذي ترك الخدمة ليرث عمودية القلج بالقليوبية، وأنجبت منه ابنها «عماد». وحين حاول إجبارها على ترك الفن، رفضت وانفصلت عنه لتبدأ رحلتها السينمائية.

 

وعندما رغبت في الزواج مجددًا نشرت إعلانًا غريبًا في «روز اليوسف» عام 1954 تصف فيه نفسها بأنها «فنانة معروفة، خفيفة، خمرية اللون، ترغب في الزواج من رجل محترم لا يقل دخله عن خمسين جنيهًا»، وهو إعلان أثار دهشة الوسط الفني وقتها. تزوجت بعدها بالفعل، لكن مشكلاتها مع الطعام وازدياد وزنها أدت إلى خلافات وانتهى الزواج بالفشل. ثم تزوجت عام 1958 من الممثل سمير ولي الدين والد الفنان الكوميدي علاء ولي الدين، لكن الزيجة لم تستمر أيضًا.

 

ومع مرور السنوات ثقل وزنها وقلت الأدوار المعروضة عليها، فابتعد عنها المخرجون وتراكمت الديون، حتى أنها طلبت المساعدة من جريدة «الأخبار»، فسدد المخرج السيد بدير جانبًا من ديونها. ولتعيش، بدأت قراءة الفنجان لفناني الوسط مقابل أموال بسيطة.

 

وفي محاولة أخيرة للعودة، جهز لها المخرج وليم يس عملاً بعنوان “مغامرات رفيعة هانم والسبع أفندي” عام 1964، لكنه لم يكتمل بسبب تدهور حالتها الصحية بسرعة.

 

وفي 30 يونيو 1973 أسدل الستار على حياة ليلى القصيرة، رحلت عن عمر لم يتجاوز 44 عامًا. لم تنل البطولة يومًا، لكنها تركت بصمة لا تُنسى، ودورًا خفيًا سيظل جزءًا من الملفات الغامضة التي لم يُكشف عنها بالكامل حتى اليوم…

عالم الفن لم يكن يومًا كما يظهر على الشاشة.

ظهرت المقالة ليلى حمدي.. من خفة ظل الشاشة إلى دهاليز المخابرات: الحكاية الكاملة لملف «رفيعة هانم» أولاً على القاهرة مباشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى