
لم تكن سعاد حسني مجرد نجمة على شاشة السينما، بل كانت ظاهرة فنية وإنسانية نادرة، تجمع بين الرقة والعنفوان، بين الطفلة المشاغبة والمرأة المتمردة، بين البراءة والإغراء. وبرغم هذا التنوع المذهل في أدوارها، فإن صورتها في ذهن الجمهور ارتبطت بلقب “رمز الإغراء”، وهو ما لم تتقبله السندريلا بسهولة.
من “حسن ونعيمة” إلى “الراعي والنساء”.. رحلة وجوه متعددة
منذ أن أطلت على الشاشة لأول مرة في فيلم “حسن ونعيمة”، ظهرت سعاد حسني كفتاة بسيطة مفعمة بالعاطفة، لكن سرعان ما تنقلت بين أنماط فنية مختلفة؛ فقدمت الفتاة المرحة في خلي بالك من زوزو، والمقهورة في بئر الحرمان، والمتمردة في الزوجة الثانية، حتى صارت مدرسة تمثيلية متكاملة تذوب في شخصياتها كما يذوب الضوء في العدسة.
اتهامات الإغراء.. وسعاد تدافع عن نفسها
في عام 1969، أثارت بعض الصحف جدلًا واسعًا حول اعتماد سعاد حسني على “الإغراء” للوصول إلى الجمهور. وكان ردها صريحًا في حوارها مع مجلة الكواكب:
“أزعجني أن يُفهم أنني أستخدم الإغراء كوسيلة للوصول، أنا أقدم ما تتطلبه الشخصية فقط، لا أكثر.”
وأكدت السندريلا أن الجرأة لم تكن غاية، بل أداة فنية تخدم القصة، مضيفة:
“أنا لا أمثل الإغراء من أجل الإثارة، بل من أجل الصدق الفني، فكل ما أقدمه هو انعكاس لطبيعة الشخصية التي أعيشها أمام الكاميرا.”
عقد “فجر الإسلام” وحكاية مشهد “الدش”
ومن بين المواقف المثيرة في مشوارها، ما أثير عن استبعادها من فيلم “فجر الإسلام” بسبب مشاهد جريئة. لكن سعاد نفت تمامًا ذلك قائلة:
“عقدي للفيلم ما زال ساريًا، ولم يُلغَ، وكل ما قيل عن إبعادي بسبب الإغراء غير صحيح.”
كما تحدثت بشجاعة عن مشهد “الدش” الذي أثار الجدل حينها، قائلة:
“ظهرت تحت الماء وأنا أرتدي مايوه بدون حمالات، لكن الكاميرا كانت مركزة على وجهي وكتفي فقط، كان الإيحاء بالعري فنًا، لا ابتذالًا.”
السندريلا.. ما بين الفن والحرية
برؤية ناضجة، كانت سعاد حسني تدرك أن الفن الحقيقي لا يقف عند حدود الجسد، بل يتجاوزها إلى روح الشخصية. فقد اختارت أن تقدم المرأة كما هي: بكل ما فيها من ضعف وقوة، من جمال وتمرد، من تناقض وصدق.
ورغم الجدل الذي رافقها في حياتها، تبقى سعاد حسني واحدة من أهم أيقونات السينما العربية، فنانة كسرت القوالب وأعادت تعريف معنى “الأنوثة الفنية” على الشاشة. لم تكن مجرد “زوزو” التي رقصت وغنت، بل كانت مرآةً لأنوثة جريئة وفكر متحرر، أرادت أن تقول من خلالها إن الفن لا يُقاس بكم ما يُكشف، بل بما يُقال وما يُشعر به الجمهور.




