


كانت السينما حلم كريمة منذ صباها، حلم يشتعل في داخلها حنينًا لا يمكن كبحه. كانت تغوص في أدوار صغيرة من مسرحيات المدرسة، تبحث عن وسيلة لإشباع شغفها بالفن، لكنها لم تكن تعرف الطريق الصحيح للوصول إلى عالم السينما.
أسرتها كانت دائمًا حاضرة كحاجز واقٍ، تذكّرها بضرورة الرجوع إليها قبل أي خطوة. ومع أن قلبها كان يميل نحو الفن، رفضت الأسرة أن تساعدها على تحقيق حلمها، معتبرة أن الأمر “حلم مرفوض من حيث الشكل”. فاضطرت كريمة إلى طي الأمل داخل صدرها، والانتظار حتى تأتي اللحظة المناسبة.
مرت الأعوام، وتخرجت كريمة، وتقدّم إليها شاب أحبته، وهو الآن زوجها محمود بسيوني. ومنذ البداية، وجد بينهما رابطًا أقوى من الحب وحده: الاتفاق على هواية السينما والشغف بالفن. كانا يتحدثان عن الأعمال الفنية ويناقشان براعة المخرجين والنجوم، وكانت هذه المحادثات مصدر بهجة لهما، بينما ظل غضب الأسرة يثنيها عن الحديث عن حلمها، فصمتت أربعة أعوام كاملة بعد الزواج، وأنجبت طفلين، لكنها لم تفقد الأمل نهائيًا، بل احتفظت بالسينما في قلبها كذكرى جميلة ورغبة دفينة.
وذات يوم، تلقت كريمة دعوة لتناول الغداء مع إحدى الصديقات في أوبرج الفيوم، وهناك رأت شخصًا تعرفه: كان المخرج عاطف سالم، الذي همس في أذن زوجها محمود وأخبره برغبته في الحديث معها عن فرصة للعمل في السينما. كريمة شعرت بالمصادفة كأنها هبة من القدر، ورحبت بالفكرة على الفور، فيما وافق زوجها بدون تردد، مؤكدًا دعمه الكامل لها.
وهكذا شاءت الأقدار أن تتحقق رغبة كريمة، حلمها القديم الذي كاد يندثر بين طيات الزواج والالتزامات العائلية، وأصبح الآن واقعًا يعيشه قلبها وعقلها معًا. بعد سنوات من الانتظار، اكتشفت أن الصبر والإصرار يمكن أن يجمع بين الحب والأسرة والفن، وأن الحلم الذي يبدو بعيدًا قد يتحقق حين تأتي اللحظة المناسبة والمصادفة السعيدة معًا.
كريمة، التي رأت حلمها يتحقق بعد أن أصبح مجرد ذكرى عابرة في ذهنها، علمت أن الأمل لا يموت أبدًا، وأن الفرص الحقيقية قد تأتي حين لا نتوقعها، لتُثبت أن المشيئة أحيانًا تصنع المعجزات في الحياة.




