توب ستوريفن

فاتن حمامة وشكري سرحان يواجهان دوامة الموت في كواليس ابن النيل

في عام 1951، أثناء تصوير فيلم “ابن النيل”، كان هناك مشهد درامي يتطلب من الفنانين فاتن حمامة وشكري سرحان خوض تجربة خطيرة على النيل. في هذا المشهد، كانت فاتن حمامة تطلب من شكري البحث عن البلاص الذي جرفته المياه، وكان عليه قيادة المركب بنفسه للوصول إليها.

 

ورغم أن شكري لم يكن لديه خبرة في قيادة المراكب، أصر المخرج يوسف شاهين على أن يقوم بالعمل بنفسه دون الاستعانة بأي متخصص، بهدف منح المشهد مصداقية درامية كاملة. بدأ التصوير، وخرج الفنانان على المركب في المياه، وبدأ شكري بتحريكها، غير مدرك للمخاطر التي تنتظره.

 

وبينما كان المركب في حركة، جرفه التيار القوي فجأة، وفقد السيطرة تمامًا. ما زاد الأمر خطورة هو وجود دوامة صغيرة في المياه حاول شكري تفاديها، لكنها كانت تشده إليه باستمرار. حاول الحفاظ على التوازن والسيطرة، بينما كانت فاتن تشير إلى فريق العمل وتنبهه للخطر، في مشهد مليء بالتوتر والإثارة.

 

لحسن الحظ، تدخل يوسف شاهين وفريق التصوير الذين كانوا على متن لانش النجدة، وتمكنوا من إنقاذ الفنانين وإعادتهم إلى الشاطئ سالمين. بعد هذه الحادثة، شعر شكري بالإرهاق والخوف، ورفض استكمال المشهد، معتبرًا أن المخاطرة لا تستحق الحياة.

 

بناء على هذا الموقف، قرر يوسف شاهين تعديل المشهد بطريقة مبتكرة، فصوّر المركب وهو يتحرك على المياه من بعيد، دون الحاجة إلى ظهور شكري أو فاتن على المركب مباشرة. وبهذا، تم الحفاظ على سلامة الفنانين، بينما استمر العمل الفني بأمان، مع الاحتفاظ بالإثارة البصرية المطلوبة للمشهد.

 

يعد هذا الحادث مثالًا على التحديات التي يواجهها الفنانون والمخرجون أثناء تصوير مشاهد واقعية في ظروف طبيعية صعبة، كما يعكس حرص يوسف شاهين على الواقعية الفنية، حتى لو تطلب الأمر تعديل المشهد لضمان سلامة الممثلين، وهو ما جعل فيلم “ابن النيل” علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية.

 

المشهد أصبح حديث الصحافة والمشاهدين بعد عرض الفيلم، ليس فقط بسبب الإثارة الدرامية، ولكن أيضًا وراء الكواليس، حيث كشف عن تضحيات الفنانين واستعدادهم لمواجهة المخاطر من أجل تقديم فن يرتقي بجودة العمل السينمائي، وعن حرص المخرج على الإبداع الفني مع مراعاة السلامة.

 

هكذا، يظل هذا المشهد شهادة على التحدي والإبداع في السينما المصرية، وعلى الشجاعة التي تحلى بها كل من فاتن حمامة وشكري سرحان، وعلى مهارة يوسف شاهين في تحويل الموقف الصعب إلى لحظة سينمائية فنية مبهرة، تحكي عن قوة الإرادة والفن في آن واحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى