توب ستوريخدمي

صعود النجومية ودراما الدماء في قلب الرقص الشرقي

ولدت زوزو محمد في 25 فبراير 1924 في أسرة فقيرة بالقاهرة، حيث كان الفقر دافعًا قويًا لعائلتها للبحث عن وسيلة لتحسين مستوى معيشتهم. منذ صغرها، أظهرت زوزو ميلاً فطريًا نحو الرقص، فكانت والدتها ترافقها إلى مختلف الأماكن لتعليمها فنون الرقص، على أمل أن تصبح ابنتها راقصة مشهورة، وتمكّنهما الشهرة والثروة من الخروج من دائرة الفقر.

 

إلا أن والد زوزو لم يكن على علم بهذه الدروس، وكان يسافر كثيرًا للعمل. وعندما اكتشف في أحد الأيام أن ابنته تتعلم الرقص، غضب غضبًا شديدًا ومنعها من متابعة هوايتها، ما أثار خلافًا شديدًا داخل الأسرة. رأت والدتها في هذا المانع تهديدًا لمستقبل ابنتها، فخططت معه ليتخلص من الأب بطريقة مدروسة، فتعاونا مع قاتل مأجور لإنهاء حياته، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة في حياة زوزو كانت البداية لمسار صاخب مليء بالصعود والمآسي.

 

بعد ذلك، شاركت زوزو في مسابقة للرقص في إحدى صالات الفنانة بديعة مصابني، وخاضت الاختبارات بنجاح، ما دفع بديعة إلى ضمها إلى فرقتها. وسرعان ما أصبحت زوزو واحدة من أهم أعضاء الفرقة، ثم انتقلت لاحقًا إلى فرقة ببا عز الدين، لكنها لم تلبث أن تركتها، لتتجه إلى عالم الأعمال، حيث أسست عدة كازينوهات في محافظات مصر المختلفة، ما جعلها من أغنى الفنانات في تلك الفترة.

 

لم تلبث زوزو طويلًا قبل أن تلفت إليها أنظار صناع السينما، فبدأت مسيرتها الفنية عام 1944 بفيلم بنات من إخراج نيازي مصطفى، تلا ذلك مشاركتها في فيلم الستات عفاريت عام 1947، ثم قدمت أحد أبرز أدوارها عام 1952 في فيلم بيت النتاش بشخصية سعاد، لتصبح واحدة من أشهر الفنانات اللائي أضفن لمسة خاصة للرقص الشرقي في السينما المصرية، حتى كان آخر ظهور سينمائي لها في فيلم حسن وماريكا عام 1959.

 

وعلى الصعيد الشخصي، دخلت زوزو في علاقة حب مع مساعد المخرج محمد الجداوي، وتزوجت به عام 1954، إلا أن العلاقة اتسمت بالتعقيد الشديد والغيرة المفرطة من جانبه، حتى اضطرّت إلى الانفصال عنه عام 1958 بعد معاناة طويلة، دون أن تنجب منه أطفالًا. لم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، إذ ظل الجداوي يطاردها ويهددها بالقتل، حتى أنها تعرضت لمحاولة لإيذاء وجهها بماء نار.

 

بحثًا عن الأمان واستمرار مسيرتها الفنية، سافرت زوزو إلى الأردن، حيث عاشت هناك عامين وحققت شهرة واسعة كراقصة محترفة، وبرزت في الكازينوهات وأصبحت من أشهر راقصات الدول العربية. لكن المأساة لم تتوقف، ففي عام 1960، وبينما كانت تعمل في أحد الكازينوهات، واجهتها النهاية المفجعة على يد طليقها محمد الجداوي الذي أطلق عليها 15 طلقة، لتسقط غارقة بدمائها عن عمر يناهز 36 عامًا.

 

بعد الحادث، حاول الجداوي الفرار إلى مصر، لكن الشرطة ألقت القبض عليه، وتبين أن القاتل المأجور الذي استأجرته والدة زوزو سابقًا للتخلص من والدها، كان أيضًا جزءًا من سلسلة الانتقام التي أودت بحياتها.

 

على الرغم من قصر مسيرتها، تركت زوزو محمد بصمة لا تُمحى في عالم الرقص الشرقي والسينما المصرية في الأربعينيات والخمسينيات، لتظل قصتها واحدة من أكثر المآسي التي جمع فيها الطموح الفني بالدماء، والحب بالغيرة القاتلة، فتكون بمثابة درس صارخ عن الوجه المظلم للشهرة والعلاقات المهووسة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى