
يشهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الخامسة حضورًا لافتًا لأفلام الرعب والغموض والإثارة، في واحدة من أكثر الدورات تنوّعًا من حيث نوعية الأعمال المشاركة، حيث تحوّلت مدينة جدة إلى قبلة لصنّاع السينما من مختلف أنحاء العالم، مع مشاركة واسعة لنجوم السينما العربية والعالمية، إلى جانب حضور لنجوم بوليوود والسينما الآسيوية.
وانطلقت فعاليات المهرجان في الرابع من ديسمبر، وتستمر حتى الثالث عشر من الشهر ذاته، وسط اهتمام إعلامي كبير وبرنامج سينمائي حافل بالأعمال التي تمزج بين الخيال والرعب والتحليل النفسي والتجارب الإنسانية القاسية.
تنوّع لافت في أفلام الرعب والغموض
تأتي مشاركة أفلام الرعب هذا العام لتعكس تحوّلًا واضحًا في توجهات برمجة المهرجان، حيث يسعى القائمون عليه إلى تقديم تجارب سينمائية مختلفة تُرضي أذواق الجمهور المتعطش لأعمال ذات أبعاد نفسية وفكرية، بعيدًا عن النمط التقليدي للأفلام التجارية.
من بين أبرز الأعمال المعروضة فيلم “أرنب أسود، أرنب أبيض” (Black Rabbit, White Rabbit) للمخرج الإيراني شهرام موكري، وهو عمل درامي متعدد الطبقات يتناول قصة فتاة تُدعى سارة تتعرض لحادث غامض، لتبدأ بعدها رحلة داخل عوالم متداخلة تمزج بين الحقيقة والخيال، في قالب يقترب من الرعب النفسي والغموض الذهني.
وثائقي يطرح رعب الواقع
وفي سياق مختلف، يقدّم المخرج زيبي نياروري الفيلم الوثائقي “تراك ماما” (Truck Mama)، وهو عمل ينسج ملامح الرعب الواقعي عبر متابعة قصة “إيفا”، وهي أم عزباء تعمل سائقة شاحنات تقطع طرقًا خطرة بين كينيا والسودان من أجل إعالة أسرتها. وعلى الرغم من الطابع الوثائقي للفيلم، إلا أن أجواء الخطر والمجهول تمنحه روح أفلام الإثارة والقلق النفسي.
“سكارليت”.. الفانتازيا المظلمة
ويحضر فيلم “Scarlet” للمخرج الياباني مامورو هوسودا بقوة ضمن قائمة الأعمال المشاركة، حيث تدور أحداثه حول أميرة من العصور الوسطى تسعى للانتقام من قاتل والدها، لتتعرض لإصابة قاتلة تنقلها إلى عالم سريالي يقع بين الحياة والموت. وهناك تلتقي بشاب من العصر الحديث يساعدها على مواجهة مخاوفها والتصالح مع غضبها الداخلي، في تجربة تمزج بين الرعب والفانتازيا والدراما النفسية.
فيلم “عادي”.. عندما يتحوّل الهدوء إلى فوضى
من أكثر الأعمال إثارة للجدل في هذه الدورة فيلم “Normal” (عادي) للمخرج البريطاني بين ويتلي، والذي يأتي بروح ساخرة داكنة تجمع بين العنف والعبثية. ويقوم ببطولته بوب أودنكيرك بدور شريف بلدة صغيرة في ولاية مينيسوتا، حيث تبدأ الأحداث هادئة قبل أن تنفجر في سلسلة مواجهات دموية وغامضة ترتبط بصراعات عصابات يابانية في أوساكا.
ويقدّم الفيلم خليطًا فريدًا يجمع بين حس أفلام الدرجة الثانية من حيث الروح الجامحة، وجودة الإنتاج الفني التي تقترب من أفلام الصف الأول، بمشاركة نخبة من النجوم مثل هنري وينكلر ولينا هيدي، ما جعله من أكثر الأعمال المنتظرة في المهرجان.
مهرجان البحر الأحمر.. منصة عالمية
ولا يقتصر مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي على عرض الأفلام فقط، بل يُعد منصة ثقافية وفنية متكاملة، حيث يضم مسابقات للأفلام الطويلة والقصيرة، وعروضًا لأفلام كلاسيكية مرمّمة، إلى جانب ورش عمل متخصصة وندوات فكرية تهدف إلى دعم صناع السينما الشباب في العالم العربي.
ويحتفي المهرجان بمدينة جدة باعتبارها مركزًا ثقافيًا وسينمائيًا متصاعدًا في المنطقة، ويؤكد من خلال هذه الدورة مكانته كأحد أبرز المهرجانات السينمائية في الشرق الأوسط.



