الأخبار

سد النهضة.. بين إستراتيجية الخداع الإثيوبية وجهود الفرصة الأخيرة للإتحاد الإفريقي



 تواصلت ردود الفعل المصرية على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، ابي احمد مؤخرا، التي أكد فيها أن بلاده لا يمكنها أن تلحق ضررا بمصر والسودان من مشروع سد النهضة، وانها ستمرر احتياجاتهما من المياه.

واعتبر عدد من خبراء المياه في مصر هذه التصريحات جزءا من إستراتيجية الخداع التي ينتهجها أبي احمد لإنجاز مشروع سد النهضة، والتخفيف من حدة ردود الفعل المصرية، مشيرين إلى أن الملء الرابع للسد سيمنع عن مصر والسودان نحو 10 مليارات متر مكعب كانت تأتي في موسم الفيضان، مع السماح بمرور ملياري متر مكعب فقط.

وتعثرت المفاوضات التي يقودها الاتحاد الافريقي لإيجاد حل بشأن مشكلة سد النهضة، خصوصا مع شعور إثيوبيا بأن موقفها بات أقوى مع اندلاع القتال في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

 أصبح السد مصدر توتر خطير بين مصر وإثيوبيا والسودان، إلى حد إثارة مخاوف من إندلاع حرب بسبب هذه الأزمة. 

ولنهر النيل رافدان رئيسيا، هما النيل الأبيض والأزرق، وينشأ النيل الأبيض من منطقة البحيرات الاستوائية، بينما مصدر النيل الأزرق المرتفعات في إثيوبيا، وتختلف شدة هطول الأمطار في هذين الحوضين الفرعيين اختلافًا كبيرًا. 

وتدرك مصر بأن سد النهضة يشكل مسألة حياة او موت بالنسبة لها، خصوصا وان ما يقرب من 86٪ من المياه التي تصل إليها تأتي من إثيوبيا، وترتفع النسبة إلى ما يقرب من 95 ٪ في مواسم الأمطار.

وتقول إثيوبيا إنه على الرغم من مساهمتها الهائلة في تدفق نهر النيل ، فإن استخدامها للمياه من نظام النهر لا يكاد يذكر، في الوقت، متهمة مصر بدأبها على زفشال محاولات إثيوبيا السابقة لتطوير مرافق تخزين المياه، واستخدام مياه النيل الأزرق لتوليد الطاقة الكهرومائية.
ووجدت إثيوبيا الأجواء مناسبة لتنفيذ مشروع السد، بعدما شهدت السنوات العشر الماضية أيضًا تغيرات اقتصادية وسياسية كبيرة في حوض النيل الأزرق، وشملت هذه ولادة دولة جديدة هي  جنوب السودان ، والاضطرابات السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر، وحدوث نمو اقتصادي في إثيوبيا، مكنها من جذب استثمارات أجنبية واسعة النطاق في الزراعة ومشاريع المياه.

وللاستفادة من هذه البيئة المتغيرة ، أطلقت إثيوبيا رسميًا مشروعها الهندسي الذي تم التخطيط له منذ فترة طويلة، والذي يعد أكبر مشروع هندسي لها  على الإطلاق، وهو سد النهضة ، في أبريل 2011، بميزانية قدرها 4.8 مليار دولار، لإنتاج كهرباء وقدرة بطاقة 6450 ميجاوات. 

ويقع المشروع على بعد حوالي 15 كيلومترًا من السودان، و سيُنشئ السد خزانًا بحجم يزيد عن 74 مليار متر مكعب، وهي كمية تقترب من حصة مصر من مياه النيل.

وتشعر مصر التي كانت تسيطر على مياه النيل لعدة قرون بالقلق من التحدي الإثيوبي الخطير، والذي يشكل تهديدا وجوديا لها، إذ تعتمد مصر بشكل شبه كامل على نهر النيل في إمدادات المياه والري.

ويرى المختصون أن تحويلات المياه على نطاق واسع عند منبع نهر النيل، كما تفعل إثيوبيا حاليا، سيكون لها تأثير شديد على إنتاج الغذاء والصحة العامة في مصر، حيث يهدف السد إلى توليد الطاقة الكهرومائية ، مما يعني أنه سيخزن المياه فقط دون تحويلها للري.

وفي العام الماضي ، فشلت المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان في التوصل إلى اتفاق بشأن ملء السد تشغيله، وكانت النتيجة ، ولأول مرة، هي مشاركة طرف خارجي  هو الولايات المتحدة في المفاوضات، لكن الوساطة الأمريكية فشلت في مارس 2020، حيث رفضت إثيوبيا قبول الشروط الأمريكية.

وحاليا يقوم الاتحاد الأفريقي بفرصة اخيرة لإنقاذ الموقف، وتسهيل المحادثات بين البلدان المشاطئة الثلاثة مصر واثيوبيا والسودان، وهو يهدف إلى إيجاد صيغة لكيفية تشغيل السد، إذا كانت هناك فترة طويلة من سنوات الجفاف، وحديد الآليات التي يجب أن تكون موجودة لإدارة النزاعات.





مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى