توب ستوريفن

“دموع الفرح”.. الفيلم الذي أنهته مديحة يسري بدموع الوداع لأحمد سالم

تُعد قصة فيلم “دموع الفرح” واحدة من أكثر القصص الإنسانية المؤثرة في تاريخ السينما المصرية، إذ ارتبطت بوفاة الفنان والمخرج أحمد سالم، الذي لم يمهله القدر ليكمل آخر أعماله، فترك خلفه وصية حملت الكثير من الحب للفن والوفاء لرفاقه.

 

بعد أيام الحزن على رحيل أحمد سالم، عهدت الفنانة مديحة يسري إلى المخرج فطين عبدالوهاب بتنفيذ وصية الراحل، التي أوصى فيها أن يُكمل فطين تصوير فيلم “دموع الفرح” الذي كان سالم قد بدأه بالفعل. وبالفعل، نفّذ فطين وصيته بأمانة، محافظًا على أسلوبه الإخراجي الذي تميّز بالدقة والإحساس.

 

كان المشهد الأخير في الفيلم يمثل ذروة الدراما والعاطفة؛ إذ يقود أحمد سالم رتلًا من السيارات لإنقاذ البطلة — مديحة يسري — ليلة زفافها من ابن عمها الذي لا تحبه، إسماعيل ياسين، لتختار سائق التاكسي الذي أحبته. وتنتهي الأحداث بمعركة كبيرة بين سائقي التاكسي، تنتهي بانتصار أحمد سالم ورفاقه.

 

لكن المأساة أن أحمد سالم لم يكن موجودًا لتصوير هذه المشاهد. فاستعان فطين عبدالوهاب ببديل يشبهه في الملامح والطول، وارتدى الدوبلير نفس الملابس التي ظهر بها أحمد في لقطاته السابقة. غير أن رؤية البديل أثارت مشاعر الحزن العارمة داخل البلاتوه، إذ لم يحتمل بعض العاملين الموقف وطلبوا منه أن يخلع ملابس الراحل التي تحمل ذكراه.

 

بدأ التصوير وسط جو من الحزن العميق، حيث غلبت الدموع على العيون، وتعثر العمل أكثر من مرة بسبب التأثر الشديد. وكانت مديحة يسري أكثر الجميع ألمًا، فحين دخلت إلى الاستوديو مرتدية فستان الزفاف المطلوب في المشهد، بدت كعروس تبكي حبيبها الراحل لا شخصية في فيلم. كانت عيناها متورمتين، والأخرى تنزف دموعًا، وكأنها تودع أحمد سالم أمام الكاميرا.

 

توقّف التصوير طويلًا حتى استعادت مديحة رباطة جأشها، ثم قرأ الجميع الفاتحة على روح الفنان الراحل بعد أن دعاهم فطين عبدالوهاب إلى التماسك قائلًا:

 

“إذا أردتم أن تُكرموا أحمد سالم، فانشغلوا بالعمل كما كان يفعل دائمًا، فهو كان ينسى كل شيء حين يبدأ التصوير.”

 

استجاب الجميع لتلك الكلمات المؤثرة، واستأنفوا التصوير بروح يغلبها الحزن، لكنهم أتموه بإخلاص يليق بذكرى فنان عاش للفن ومات وهو في قمته.

 

وهكذا خرج فيلم “دموع الفرح” إلى النور ممزوجًا بدموع حقيقية، لتبقى قصته شاهدًا على وفاء الفنانين، وعلى أن السينما ليست مجرد أضواء وكاميرات، بل مشاعر صادقة تُخلّد من رحلوا وهم يحملون حبهم للفن حتى آخر لحظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى