تعكس اتجاهات غرف الطعام لعام 2026 تحولًا واضحًا في فلسفة تصميم هذا الجزء الحيوي من المنزل، إذ لم تعد غرفة الطعام مجرد مساحة لتناول الوجبات، بل باتت مركزًا للروابط العائلية ومكانًا للمحادثات الطويلة والذكريات الحميمية التي تتراكم مع مرور الوقت. ويظهر ذلك بوضوح في التوجهات الجديدة التي تجمع بين الجاذبية البصرية وغنى الملمس، وتعتمد على دمج المواد المبتكرة والألوان الجريئة والتصميمات الانتقائية التي تكسر النمط التقليدي السائد في السنوات الماضية، في محاولة لإعادة تعريف هوية هذه الغرفة بما ينسجم مع أسلوب الحياة العصري.
وتبرز المواد الجديدة كأحد أهم ملامح التغيير، حيث يتجه المصممون إلى استخدام مركبات مُعاد تدويرها ممزوجة بالألياف الطبيعية لتقديم أثاث خفيف الوزن ومتين في الوقت نفسه، وهو ما يفتح الباب أمام تصميمات أكثر رشاقة للكراسي والطاولات. ويظهر تزايد الاعتماد على اللمسات المعدنية في ظهور الكراسي، وأرجل الطاولات، وتطعيمات الخزائن، الأمر الذي يمنح الغرفة مزيجًا بصريًا غنيًا يجمع بين الخشب والمركبات الحديثة والمعادن في توليفة واحدة ذات طابع معاصر ورونق خاص.
وفي ما يتعلق بالألوان، يبرز حضور الدرجات القوية المستوحاة من الأحجار الكريمة مثل الأخضر الزمردي والأزرق الياقوتي، إلى جانب الألوان الحمضية والمعدنية. ويعتمد المصممون على توزيع هذه الدرجات الجريئة على مساحات واسعة مثل الطاولات والخزائن وطلاء الجدران، بدلاً من الاكتفاء بوجودها في الإكسسوارات الصغيرة، ما يحوّل غرفة الطعام إلى مساحة نابضة بالحياة ومفعمة بالحيوية.
وتتجلى روح الانتقائية في المزج بين قطع من عصور مختلفة وثقافات متنوعة، بحيث يمكن أن تلتقي طاولة من تصميمات منتصف القرن الماضي مع كراسٍ عصرية، أو مصابيح عتيقة فوق خزائن حديثة. وتساهم الإكسسوارات مثل السيراميك والأقمشة الفنية والأعمال الجدارية في توحيد عناصر الغرفة وإضفاء طابع شخصي عليها يعبر عن ذوق أصحاب المنزل.
ويشهد تصميم الطاولات تحولًا لافتًا باتجاه الأشكال غير المنتظمة، مثل الطاولات البيضاوية الطويلة أو المتسعة عند أحد أطرافها، في خطوة تتجاوز الأشكال الهندسية التقليدية. أما الكراسي فتنفرد بخطوط منحنية وقواعد مائلة وأشكال تبدو أقرب إلى الرسومات اليدوية، في ما يمنح الغرفة حركة وتنوعًا بصريًا ويجعل كل كرسي قطعة مميزة بحد ذاتها، مع تركيز واضح على الراحة من خلال الأقمشة المتينة عالية الأداء.
وتأخذ الإضاءة مكانة مركزية في اتجاهات 2026 عبر التركيبات المعلقة الصغيرة المتعددة بدلًا من الثريات الكبيرة، مع اختلاف الارتفاعات والزوايا لإضافة طبقات ضوئية جذابة تسلّط الانتباه على الطاولة وتجعل الأجواء أكثر حميمية.
وفي المقابل، تختفي تدريجيًا بعض الاتجاهات القديمة، مثل غرف الطعام ذات الجدران البيضاء الصارمة، وقطع الأثاث المتطابقة في كل عناصرها، والإكسسوارات المعدنية الذهبية بالكامل، والمفارش التقليدية البسيطة. كما تتراجع القطع المركزية الكبيرة لصالح تصاميم بسيطة ومدروسة تحقق التوازن دون مبالغة.
