في خطوة جديدة تهدف إلى تنظيم التعامل مع ملف الحيوانات الضالة بشكل حضاري، أعلنت محافظة القاهرة تخصيص قطعة أرض لإقامة مأوى متكامل للكلاب الضالة بمنطقة التبين، وذلك في إطار خطة شاملة للحد من الظاهرة وتحقيق التوازن بين الحفاظ على الأمن المجتمعي والرفق بالحيوان.
وجاء القرار عقب اجتماع المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة، حيث أكد المحافظ أن المشروع يأتي استجابة للشكاوى المتكررة من المواطنين بشأن تزايد أعداد الكلاب الضالة في الشوارع، خصوصًا في نطاق منطقتي التبين ومدينة 15 مايو، لما تمثله من تهديد محتمل لسلامة المارة، وخاصة الأطفال وكبار السن.
وأوضح أن قطعة الأرض التي تم تخصيصها تقع شرق طريق الأوتوستراد بنطاق حي التبين، وتبلغ مساحتها نحو 2.28 فدان، وتم تسليمها رسميًا إلى مديرية الطب البيطري بالقاهرة، لتبدأ على الفور في إجراءات إنشاء مأوى مجهز وفق المواصفات الفنية والبيئية المعتمدة.
وأكد المحافظ خلال الاجتماع أن ملف الكلاب الضالة من أكثر الملفات حساسية وجدلاً داخل المجتمع، مشددًا على أن المحافظة تتعامل مع هذا الملف بحذر شديد، وبمنهج متوازن يراعي حقوق الإنسان في السلامة، وفي الوقت ذاته يحترم مبادئ الرفق بالحيوان وعدم اللجوء إلى الحلول القاسية التي ترفضها القوانين والاتفاقيات الدولية.
من جانبه، صرح مدير مديرية الطب البيطري بالقاهرة أن المأوى الجديد سيعمل وفق منظومة متكاملة تشمل تجميع الكلاب الضالة من الشوارع بأساليب آمنة وغير مؤذية، ثم إخضاعها لفحوصات طبية دقيقة، بالإضافة إلى تقديم العلاج اللازم للحالات المصابة، وتنفيذ برامج التحصين ضد الأمراض المعدية، وفي مقدمتها داء السعار.
وأشار إلى أن المشروع يتضمن تنفيذ برنامج للتعقيم، لا سيما للإناث، بهدف الحد من تكاثر الكلاب الضالة بشكل علمي وإنساني، وهو الأسلوب المعتمد عالميًا للسيطرة على انتشار الحيوانات الضالة دون الإضرار بها.
كما أوضح أن الكلاب التي يثبت عدم قابليتها للتأهيل أو التي تمثل خطورة واضحة سيتم التعامل معها وفق الضوابط القانونية والبيطرية المنظمة لهذا الشأن، وبما يضمن تطبيق معايير السلامة والإنسانية المعترف بها.
وأضاف المسؤول البيطري أن لجنة فنية متخصصة سيتم تشكيلها خلال الأيام المقبلة لتسلّم الأرض بشكل رسمي، والإشراف على مراحل تنفيذ المشروع بداية من أعمال التجهيز وحتى التشغيل الكامل، مع المتابعة الدورية لضمان الالتزام بالاشتراطات البيئية والصحية.
ويُعد هذا المشروع ضمن حزمة من الإجراءات التي تتبناها محافظة القاهرة لإيجاد حلول مستدامة لمشكلة الكلاب الضالة، بعد تصاعد شكاوى المواطنين ورصد عدد من الحوادث الناتجة عن اعتداءات بعض الكلاب على المارة في بعض المناطق.
ويرى متخصصون في الصحة العامة أن إنشاء مثل هذه الملاجئ يمثل تحولاً إيجابياً في طريقة التعامل مع الظاهرة، بعيدًا عن الأساليب التقليدية التي تعتمد على الإبادة أو الحملات العشوائية، مؤكدين أن الحل الجذري يكمن في الجمع بين التوعية المجتمعية، والتعقيم، والتحصين، والتبني.
وفي هذا السياق، أكد مسؤولو المحافظة أن المشروع الأولي في التبين و15 مايو يُعد باكورة لخطة أوسع قد تشمل إنشاء مراكز مشابهة في مناطق أخرى من العاصمة خلال الفترة المقبلة، إذا أثبتت التجربة نجاحها وفعاليتها.
