

رغم النجاح الكبير الذي حققه فيلم “سمارة” بطولة الفنانة تحية كاريوكا والفنان محسن سرحان، إلا أن وراء هذا النجاح حكاية مليئة بالمفارقات والخلافات التي كادت تصل إلى ساحات القضاء. الفيلم الذي أُنتج وأخرجه حسن الصيفي كان مستنداً إلى قصة تأليف محمود إسماعيل، الذي اشتهر بدوره في تقديم شخصية “المعلم سلطان”، وربما كان هذا العمل الأبرز في مشواره الفني كممثل.
بدأت القصة أصلاً كمسلسل إذاعي، بطولة سميحة أيوب ومحسن سرحان، بينما كان دور “سلطان” من نصيب توفيق الدقن. حسب ما رواه الدقن في مذكراته، فإن المسلسل حقق نجاحاً مدوياً، إلى درجة أنه كان يُذاع مرتين يومياً، ونجح في أن يجذب اهتمام جمهور واسع، ما دفع محمود إسماعيل للتفكير في استثمار هذا النجاح وتحويله إلى فيلم سينمائي.
وبالفعل، تم إنتاج الفيلم بنفس الاسم، وقرر محمود إسماعيل أن يشارك كممثل في العمل، ليؤدي دور “سلطان” بدلاً من توفيق الدقن، بينما حافظ محسن سرحان على دوره في البطولة. ورغم أن القصة كانت مألوفة للجمهور، إلا أن الفيلم نجح أيضاً، ليؤكد مكانة النجوم المشاركين فيه ويترك بصمة في تاريخ السينما المصرية.
إلا أن المشكلة الحقيقية بدأت بعد ذلك، حين تدخلت الإذاعة المصرية التي كانت قد اشترت حقوق القصة من محمود إسماعيل، إذ جاء العقد الذي أبرم بين الطرفين يتضمن بنداً يمنع استغلال القصة في أي عمل آخر قبل مرور فترة زمنية محددة. وبما أن محمود إسماعيل استثمر نجاح المسلسل وقرر تحويله إلى فيلم قبل انتهاء هذه المدة، رفعت الإذاعة عليه قضية قضائية طالبت فيها بتعويض مالي قدره 20 ألف جنيه.
محمود إسماعيل حاول الدفاع عن موقفه مؤكداً أنه لم يقصد مخالفة العقد، إلا أن المحكمة أصدرت حكماً لصالح الإذاعة، ما اضطره إلى دفع مبلغ رمزي قدره 500 جنيه تحت بند “التعويض الأدبي”. ورغم هذا النزاع، تمكن الطرفان في النهاية من التوصل إلى صلح ودي، ما وضع حداً للخلاف القضائي، لكن الحكاية لم تنته عند هذا الحد، إذ بقيت قصة إعادة إنتاج الفيلم وإصدار أجزاء لاحقة من “سمارة” محل جدل كبير، وهو ما سيُروى في حلقات أخرى لاحقة.
يبقى فيلم “سمارة” مثالاً على كيف يمكن للنجاح الفني أن يحمل خلفه تحديات قانونية ومفارقات إنتاجية، ويكشف عن الصراعات الخفية بين الإبداع والتجارة وحقوق المؤلف، في حين يظل الجمهور متابعاً لأحداث العمل، مبهوراً بأداء النجوم، خاصة تحية كاريوكا ومحسن سرحان، الذين تمكنوا من ترك أثر لا يُنسى على الشاشة رغم كل الخلافات وراء الكواليس.



