
في تطور سياسي لافت يعيد بنيامين نتنياهو إلى الواجهة الإعلامية بعد غياب امتد لما يقرب من ثلاثة أشهر، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن نتنياهو سيعقد غدًا مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا مع المستشار الألماني فريدريش ميرز، وذلك في أول ظهور علني له أمام وسائل الإعلام منذ السادس عشر من سبتمبر الماضي.
ويأتي هذا الظهور بعد فترة كثيفة من الجدل الداخلي والخارجي، لاسيما عقب التصريحات التي أثار فيها عاصفة من الانتقادات عندما شبّه إسرائيل واقتصادها بـ”إسبرطة الخارقة”، وهو التعبير الذي اعتبره مراقبون محاولة لتسويق قدرة إسرائيل على الصمود العسكري والاقتصادي، بينما رأى آخرون أنه يعكس حالة الضغط السياسي التي يعيشها نتنياهو داخليًا وخارجيًا.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن مكتب نتنياهو، فإن المستشار الألماني فريدريش ميرز سيبدأ اجتماعه المغلق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي عند الساعة الحادية عشرة صباحًا، فيما يُعقد المؤتمر الصحفي المشترك في تمام الساعة الواحدة والربع ظهرًا.
وتشير توقعات دبلوماسية إلى أن اللقاء سيحمل رسائل متعددة الجوانب، خصوصًا في ضوء النقاشات الحادة التي تشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية بشأن مستقبل الحكومة، وتفاقم الانتقادات المتعلقة بإدارة الملفات العسكرية والأمنية.
ويكتسب المؤتمر المرتقب أهمية استثنائية لعدة أسباب؛ أولها طول فترة غياب نتنياهو عن أي مواجهة مباشرة مع أسئلة الصحفيين، رغم التطورات المتسارعة في ملفات الأمن، والتعاون العسكري، وتوازنات العلاقات الإقليمية والدولية.
وثانيها حساسية توقيت الزيارة الألمانية، التي تأتي في ظل تقارير متزايدة حول توسع التعاون الأمني بين تل أبيب وبرلين، وخصوصًا فيما يتعلق بالمنظومات الدفاعية والاتفاقات العسكرية طويلة المدى، إلى جانب مناقشة ملفات ترتبط بنشاط الجيش الإسرائيلي وعملياته في الإقليم.
كما يراقب محللون عن كثب ما إذا كان المؤتمر سيشهد توضيحًا من نتنياهو لعدد من المواقف التي أثارت جدلًا خلال الأسابيع الماضية، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السياسية الداخلية، والاحتجاجات المستمرة ضده، وانتقادات المعارضة لأسلوب إدارته للملفات الحيوية.
إذ يرى مراقبون أن اختيار الظهور الإعلامي الأول في منصة مشتركة مع المستشار الألماني ليس مصادفة، بل محاولة لإعادة تصدير صورة رئيس الوزراء الذي يمتلك شبكة علاقات دولية قوية، ولتوجيه رسائل داخلية بأن علاقاته الأوروبية ما تزال راسخة.
ويعد الظهور غدًا اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة نتنياهو على تجاوز حالة التراجع الشعبي التي أظهرتها مؤخرًا استطلاعات الرأي داخل إسرائيل، وأيضًا اختبارًا لطبيعة الأسئلة التي سيطرحها الصحفيون، وما إذا كان المؤتمر سيشهد تصريحات قد تعيد إحياء الجدل من جديد، أو تمهّد لمسار سياسي مختلف في المرحلة المقبلة.
ومع تصاعد الاهتمام الإقليمي بهذا الحدث، تبقى الأنظار معلّقة على طبيعة الملفات التي سيستعرضها الجانبان، ومدى تأثير نتائج هذا اللقاء على مسار العلاقات الألمانية الإسرائيلية، وعلى المشهد السياسي داخل إسرائيل الذي يعيش حالة توتر متزايد.



