توب ستوريخارجيمنوعات

بحر يوسف في الفيوم …حيث حفر سيدنا يوسف ليأتي الخير لمصر

نري في الصور الجوية إمتداد رمال الصحراء الغربية في كل إتجاه و من كل ناحية ويظل اللون الاصفر اللون المسيطر و المهيمن بقسوة، كما أن تطرف الظروف المناخية وما ينتج عن هذا التطرف من حرارة عالية نهارا و برودة قارصة ليلا.

في ظل تلك الظروف البيئية الصارمة علي المنظر العام.  نجد واحة خضراء مريحة للعين تمتزج فيها الالوان من اصفر الهامش الصحراوي والأخضر الموجود في الزرع و النباتات و الأزرق في جداول المياه العزبة وبحيرة قارون، وهذا ما شكل بؤرة جاذبة لكل ما هو جميل من طيور نادرة وحيوانات مختلفة، لنجد في النهاية إبنة مصرية صورة مصغرة من امها، نجد الفيوم بكل تباينتها شبيهة بشكل كبير بمصر، والجدير بالذكر ان من الغريب وجود نفس طمي النيل الموجود في الوادي الذي جلب الحياة لمصر، وعبر إلى الفيوم عن طريق “بحر يوسف” والذي ينبع من ديروط بمحافظة أسيوط مارة بمحافظة المنيا ومحافظة بني سويف، ثم إلى الفيوم، لتكون هي المصدر الوحيد الذي يمد الفيوم ب1.9مليارم3.

كان للنيل قديما 7 فروع أحدهم يخرج إلى الفيوم ومع الوقت و إندثار وردم هذا الفرع إستبدل بترعة صناعية متفرعة من ترعة الإبراهيمية لتمر بقناة اللاهون لتصل إلى منسوب +26م  وفتحة هوارة ثم بعد دخوله حافة المنخفض يكون عدة فروع وترع بل ويكون دلتا لهذا الفرع في وسط مدينة الفيوم إلى أن يصب مياهه في بحيرة قارون في منسوب -42م عن ساحل البحيرة، وقد سمى بحر يوسف بعد الفتح الإسلامى لمصر تذكرة بالنبى يوسف عليه السلام.

يخرج بحر يوسف حاليا من ترعة الإبراهيمية بعد ردم مخرجه القديم من النيل شرقي  ، ويسير في مجرى كثير التعرجات لمسافة تزيد على 276 كم، ويخترق الحافة الشرقية لمنخفض الفيوم في فتحة تعرف باسم قناة اللاهون، ويبلغ طولها نحو 8.5 كم، ويتراوح اتساعها بين 2.5 كم في الوسط وستة كيلومترات في الشمال وأربعة في الجنوب، واللاهون يعود اسمها إلى  العصر الفرعونى، بدأ فى اللغة المصرية القديمة «راحن» وتعنى فم البحيرة لوقوعها فى مدخل الفيوم من ناحية الجنوب الشرقى وأصبحت فى اللغة القبطية «لاهون» ثم اضيفت لها اداة التعريف فى العصر الإسلامى. هذه القرية تضم العديد من الآثار منها هرم اللاهون الذى شيده سنوسرت الثانى أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة، وجبانة اللاهون وتحتوى على مقبرة مهندس الهرم «إنبى» ومقابر لأفراد الأسرة المالكة، بالإضافة إلى مدينة عمال اللاهون «كاهون»، وأخيرًا قناطر اللاهون الأثرية والتى يرجع تاريخ بنائها إلى الأسرة 12 الفرعونية التى كان لها باع كبير وفي ضبط منسوب مياة بحر يوسف.

تم بناء هذه القناطر وهذا السد للمساهمة فى حماية الفيوم من أخطار فيضان بحر يوسف قبل بناء السد العالى، وتقليل اندفاع تيار المياه، وأعيد بناؤها من الحجر الصلب فى العصر المملوكى على يد السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى لتنظيم دخول المياه إلى إقليم الفيوم من ترعة بحر يوسف ، وتوالت عليها مراحل الإصلاح لأهميتها بالنسبة للفيوم، ومن بين هذه المراحل فى عهد سلطنة الأشرف برسباى وفى زمن السلطان الغورى الذى أمر بإصلاحها عندما قام بزيارة الفيوم سنة 918 هجريًا 1512 ميلاديا، ووجدها فى حالة تصدع شديد وذلك نتيجة قطع جسر اللاهون فتم إصلاحها ولكن القنطرة سرعان ما دب فيها التلف نتيجة لتدهور الحالة الاقتصادية وإهمال الترع والجسور والقناطر والعيون في العصر العثماني،  فأرسل السلطان العثماني رسولا يحمل مرسومين سنة “1221 هجريا / 1709ميلاديا” أحدهما خاص ببناء قنطرة اللاهون بالفيوم ولكن القنطرة تصدعت مرة أخرى إثر التفكك الذي ساد البلاد في عهد الحملة الفرنسية وتنازع المماليك على تولى السلطة، وقد عانت  قناطر اللاهون بعد إعادة بنائها من الحجر الصلب فى العصر المملوكى، إلى أن تم إنشاء قناطر بديلة ضمن برنامج التعاون المصرى اليابانى لتجديد القناطر على طول نهر النيل وفروعه.

 

أما عن سـد الـلاهــون: عـانـت الفيـوم مـن مشكلـة خطيـرة هـى إهـدار مسـاحـات واسعـة مـن الأراضـى الـزراعيـة فـى مـوسـم الفيضـان بسـبب وقـوعهـا علـى شـاطـئ بحيـره موريـس (بحيرة قارون) التـى يصـب فيهـا بحـر يـوسـف فقـام امنمحـات الثـالـث ببنـأء سـد الـلاهـون عنـد مـدخـل الفيـوم وذلك للوقاية من ميـاه الفيضـان وإغـراق الأراضـى الـزراعية، كما كان الهدف الأخر تخـزيـن ميـاه الفيضـان للأستفـادة منهـا عنـد الحـاجـة، ونتج عن بنـاء سد الـلاهـون زراعـة 27 ألـف فـدان فـى أقليـم الفيـوم، كما تم إنشـاء مـدن جـديـدة حـول بحيـرة موريـس، ولكن يعاني السد الأن من تعرضه للإنهيار الذي طال أقدم سد في التاريخ لا يزال باقي حتي الان فقد شيده الملك امنمحات الثالث في منطقة اللاهون بالفيوم للوقف في وجه الفيضان في الشتاء وقد يقدر عمره بحوالي٣٨٥٠سنه هذا السد الذي اجريت له بعض اعمال الترميم وما زال يعمل بكفاءة حتى اللحظة ويستخدم في حجز المياه الزائدة عن الفيوم في يناير من كل عام، وبدخول بحر يوسف إلى منخفض الفيوم تتوزع مياهه في نمط متشعب في منطقة واسعة تبدو أشبه ما تكون بدلتا عديدة الفروع والترع والتي أكبرهم ترعة بحر حسن واصف و ترعة عبد الله وهبى، و يظل حتي وسط المنخفض حتى يصل إلى مدينة الفيوم فتستقبله سواقيها لرفع المياه فقد  أدي إرتفاع أراضى الفيوم 35 مترًا فوق سطح البحر إلى تعذر ري هذه الأراضي بالراحة، لذلك تستخدم آلات الرفع والسواقي التي تنتشر على جانبي الوادي.

تتشعب مياه بحر يوسف عدة فروع عند مدينة الفيوم مكونة دلتا داخلية وإرساباته النهرية المتوالية التي ظلت تتراكم في قاع البحيرة القديمة حتى ظهرت على السطح، وقد غطاها طبقات من الطمي الحديث، وأحيانا تظهر الرواسب الحصوية والرملية القديمة في هيئة شواطئ مثل شط العدوة – شط طامية، وتمتد دلتا  بحر يوسف ليحدها من الجانبين مَصرف طامية شرقا ومَصرف الوادي غربا، كما تتوسط قلب المنخفض ويتمركز حول مدينة الفيوم نفسها، وهى أخصب أراضى الفيوم وأغناها بالإنتاج الزراعي وأكثرها كثافة سكانية. وتتجمع فيها مجموعة من المدن الكبيرة مثل سنورس ، ترسا ، سنهور ، أبو كساه ، إبشواى، فضلاً عن عدد من القرى الكبيرة مثل فديمين والعجميين وطبهار.

 

نجد أن من المحزن الإهمال الموجود في مصدر المياه العزبة الوحيد في الفيوم وما يلاقيه من ويلات القمامة و المخلفات وتوغل ورد النيل مما ادي إلى قتل الكائنات البحرية نتيجة عدم نفاذية ضوء الشمس وتعفنها في المياه إلى جانب القاء الحيوانات النافقة و القمامة ومخلفات المصانع وجزوع الاشجار و النخيل، وبرغم من تركيب حواجز وشباك بمداخل مدينة الفيوم فى منطقتين الأولى ناحية هوارة المقطع والثانية باللاهون لإصطياد تلك المخلفات ونقلها إلى أماكن التخلص من القمامة بالطرق الصحية للحفاظ على نظافة البحر إلا أن هذه الحواجز والشباك تآكلت وتحتاج إلى صيانة بسبب تقادمها وقد ينتج عن ذلك تكرار توقف محطات مياه الشرب، يؤكد محافظ الفيوم دوما علي أنه إصدر توجيهات مشددة إلى مديرية الرى والأجهزة المعنية بسرعة تطهير بحر يوسف والمجارى المائية من كل المخلفات مع إستمرار الحملات الخاصة بإزالة ورد النيل، وإرجع المحافظ أن السدة الشتوية تسببت فى تجمع تلك المخلفات بمياه البحر وتم رفع جزء كبير منها وجاري إزالة المتبقى.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى