التعليمتوب ستوريخارجي

“مشروب النشاط وحلوى الختام”.. كيف يُحيي المسلمون في الهند شهر رمضان

الهند ام العجايب السما و الارض حبايب و النار و النور و العتمة و الروح والجسم قرايب غنتها الفنانة سعاد حسني من اشعار صلاح جاهين عند وصف تلك البلد التي يحيا فيها حوالي 1,3 مليار مواطن بلغات مختلفة وديانات متنوعة، ولا ينحصر الامان و السلام و احترام الاخر علي البشر فقط ففي مشهد نادر جدا نري الحيوانات المختلفة من بيئات مختلفة تحيا جنب الي جنب دون جور او تعدي.

يحيا في الهند حوالي 200مليون مسلم، والمسلمون وفقا للدستور والقوانين الهندية يتمتعون بجميع الحقوق المدنية. وتسهل الدولة الهندية للمسلمين إقامة شعائرهم بحرية وأمان في المناطق التي يتواجد فيها نسبة كبيرة من المسلمين. ولا يمنع ذلك قيام بعض المتطرفين بين الحين و الاخر بإحداث شغب، ولكن الجو العام مستقر.

تمتد الهند من الشرق الي الغرب في مساحات شاسعة، ونظرا لانتشار المسلمين في كافة انحاء الهند و عدم تمركزهم فإن ثبوت رمضان قد يختلف فيه من مكان لآخر، إضافة إلى اختلاف المذاهب الفقهية، وما يترتب عليه من اعتبار اختلاف المطالع، أو عدم اعتبارهاولذلك فهناك هيئة شرعية خاصة من العلماء تتولى متابعة أمر ثبوت هلال رمضان، وتعتمد في ذلك الرؤية الشرعية، وحالما يثبت لديها دخول شهر رمضان، تُصدر بيانًا عامًا، ويتم إعلانه وتوزيعه على المسلمين.

ومع ثبوت شهر رمضان تعم الفرحة المسلمين أينما كانوا، والمسلمون في الهند لا يختلفون عن باقي الانحاء العالم من المسلمين فتعم فرحة المسلمين، وخاصة الأطفال، ويتبادلون فيقلدون الكبار في قولهم: (رمضان مبارك) .

ولشهر رمضان في الهند طابع خاص، كمثل باقي بلاد العالم فتضاء المساجد ومآذنها، وتكثر حلقات القرآن، وحلقات الدورس الدينية، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتتجدد حياة المسلمين في هذا الشهر الذي يُغَيّر عاداتهم اليومية.

يتسحرون بالأرز والخبز وهو غذاؤهم الرئيسي، ويطبخ إلى جانب أنواع أخرى من الطعام، إضافة إلى (الخبز) و(الإدام).

تظهر وظيفة (المسحراتي) لا تزال تؤدي دورها على أتم وجه عند مسلمي الهند ليوقظ الناس قبل أذان الفجر، ومع نهاية شهر رمضان تُقدم له الهدايا لقاء جهده .

ويفطر المسلمون هناك عادة عند غروب الشمس، على رشفات من الماء إذا لم يجدوا تمرًا. وبعضهم يفطر بالملح الخالص؛ وذلك عملاً بقول تذكره بعض كتب الحنفية أن من لم يجد التمر أو الماء ليفطر عليه، يفطر على الملح. وهي عادة لا تعرف إلا بالهند. وتشتمل مائدة الإفطار الهندية على (الأرز) وطعام يسمى (دهى بهدى) يشبه طعام (الفلافل مع الزبادي) و(العدس المسلوق) وطعام يُطلق عليه اسم (حليم) و(الهريس) وهو يتكون من القمح واللحم والمرق، وكل هذه الأنواع من الطعام يضاف إليها (الفلفل الحار)

ما المشروبات فيتصدرها (عصير الليمون) و(اللبن) الممزوج بالماء، و(الحليب). وفي ولاية (كيرلا) جنوب الهند، تحضِّر بعض الأسر المسلمة هناك مشروبًا يتكون من (الأرز) و(الحلبة) ومسحوق (الكركم) و(جوز الهند) لوجبة الإفطار، ويشربونه بالملاعق المصنوعة من قشور جوز الهند، معتقدين أن هذا المشروب يزيل تعب الصوم، وينشِّط الصائم للعبادة ليلاً. ومن العادات المخالفة للسنة عند أهل هذه المناطق تأخير أذان المغرب، وتقديم أذان الفجر احتياطًا للصيام.

يوزع الناس الحلوى والمرطبات وثمار الجوز الهندي على المصلين عقب الانتهاء من صلاة التراويح؛ وأحياناً يوزع التمر وسكر النبات، والمشروب الهندي يسمى (سمية) وهو يشبه (الشعيرية باللبن) عند أهل مصر. وأغلب أنواع الحلوى هناك تُحضَّر من مادة (الشعيرية).

يتشارك الجميع في تناول طعام الإفطار على تلك المائدة في المسجد، حيث يحضرون طعامهم ويأكلون سويا؛ ومن المناظر المألوفة هنا أن ترى الصغار والكبار قبيل أذان المغرب بقليل وقد حملوا في أيديهم أو على رؤوسهم الصحون والأطباق متجهين بها صوب المساجد بانتظار وقت الإفطار.

يشتري الاباء لأطفالهم فوانيس رمضان، وتراهم يتجولون في الأحياء الشعبية فرحين مما جاد به هذا الشهر من خيرات، وهم ينشدون الأغاني الدينية بلغتهم الهندية ولهجاتهم المحلية.

وأغلب المسلمين في الهند يحافظون على لبس الطاقية الشبيكة خصوصاً في هذا الشهر، ويرتادون المساجد للصلاة وتلاوة القرآن، ويعملون بكل طاقتهم لختم القران خلال الشهر. إضافة إلى اهتمامهم بالتراويح التي يقوم بها الكثير منهم. وهم في أغلب المساجد يصلون صلاة التراويح عشرين ركعة او ثماني ركعات فقط ولمن اراد الاكمال فيكمل، يتخللها أحياناً درس ديني للمتواجدين في تلك المنطقة.

ومن العادات المتبعة أثناء صلاة التراويح، قراءة بعض الأذكار، كقولهم: (سبحان ذي الجبروت والملكوت، والكبرياء، والعظمة، سبوح قدوس، رب الملائكة والروح) كما يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكرون أسماء أولاده، والحسن والحسين، وفاطمة الزهراء، وأسماء الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، كل هذا يكرر بعد كل أربع ركعات من صلاة التراويح.

وفي ليلةختم القرآن في صلاة التراويح. ومن العادة عند مسلمي الهند بعد دعاء ختم القرآن توزيع الحلاوة، وقد يوزعون شيئًا من السكر، أو نحو ذلك من أنواع الحلوى. والعادة عند مسلمي الهند أن يقوم إمام المسجد بالنفث (النفخ) على تلك الأنواع من الحلوى كل يوم من أيام رمضان، بعد قراءة الجزء من القرآن في صلاة التراويح، ويسمون هذا (تبرك) ويُكرَم الإمام في هذا اليوم غاية الإكرام، حيث يُلْبَس حلة جديدة، وتُقدم له الهدايا والأعطيات، كل ذلك مقابل ما قام به من ختم القرآن في صلاة التراويح. وربما يسبق كلَ هذه المراسم اتفاقٌ مسبق بين الإمام وأهل الحي على كل هذه الأمور!!

يعتاد المسلمين في ليلة ال27 من رمضان زيارة قبور موتاهم وتلاوة القرأن و الدعاء لهم.

 

نجد الشباب المسلم في الهند معظمه قد فُتن بمظاهر الحياة العصرية، فيتقيد بمظاهر الدين الحنيف ولكن جوهر الدين لا يعلم عنه، خاصة من طبقة المثقفين. ويقابلهم فريق من الشباب الجهال، الذين جهلوا دينهم، ولم يُحصِّلوا من علوم الدنيا شيئًا. والغريب هناك أن فريقًا من هذا الشباب الضائع ينتهز الفرصة في ليلة القدر لإزعاج الناس – مسلمين وغير مسلمين – الذين ليس من عادتهم السهر إلى وقت متأخر من الليل، لذا تراهم يجولون في الشوارع والحارات يقرعون الأبواب بحجة تنبيه الناس إلى إحياء هذه الليلة، ولهم أعمال غير ذلك هم لها عاملون!!

والمسلمون عامة في الهند وخارجها يقدسون شهر رمضان غاية التقديس، ولكن في الهند يحترم الشهر الفضيل أشد الاحترام؛ ويعتبرون كل يخل بحرمة هذا الشهر أمراً منكراً ومرفوضاً، ولأجل هذه المكانة عندهم يحرص الجميع على مراعاة حرمة هذا الشهر، والإنكار على كل من يسعى للنيل منها.

أما غير المسلمين فبعضهم يقيم حرمة لهذا الشهر، ويراعي مشاعر المسلمين فيه، وربما اغتنموا هذه المناسبة ليباركوا لهم بقدوم هذا الشهر الكريم، أو لدعوتهم إلى مائدة إفطار، والجمعة الأخيرة من رمضان تُسمى عند مسلمي الهند (جمعة الوداع) ويعتبر المسلمون هناك هذه الجمعة مناسبة عظيمة للاجتماع والالتقاء، فترى الجميع كل قد حزم أمتعته، وشد رحاله إلى أكبر مسجد في مدينة (حيدر آباد) يسمى عندهم (مكة مسجد) وهم يروون في سبب هذه التسمية قصة حاصلها: أن ملكًا مسلمًا قبل خمسمائة عام قصد مكة للحج، وفي رحلة عودته أحضر معه حجرًا من مكة، وأمر بوضعه ضمن بناء هذا المسجد، ثم بعد ذلك أخذ الناس يطلقون عليه هذا الاسم لهذا السبب. وبعيدًا عن هذه القصة، تجتمع في هذا المسجد أعداد غفيرة من المسلمين في هذه (الجمعة الأخيرة) بحيث تصل صفوف المسلمين وقت أداء الصلوات قرابة ثلاثة كيلو مترات من كل جانب من جوانب المسجد، ولأجل هذا الاجتماع تغسل الشوارع والساحات المجاورة لهذا المسجد ليلة الخميس السابقة ليوم الجمعة الأخيرة من رمضان، كما ويُمنع مرور الناس في تلك الشوارع والساحات المحيطة بهذا المسجد، ويبقى هذا الحظر ساري المفعول إلى وقت الانتهاء من صلاة الجمعة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى