توب ستوريخدمي

أنور وجدي.. النجومية التي فشلت في إنقاذه من مأساة القدر

يعد أنور وجدي واحدًا من أبرز نجوم السينما المصرية، إلا أن حياته كانت ملحمة مع القدر لا تقل دراماتيكية عن أدواره على الشاشة. فقد عاش سنوات قاسية مليئة بالحرمان والفقر، قبل أن يصعد إلى قمم الشهرة والثراء، ويواجه في نهاية المطاف واقعًا مأساويًا فرضه القدر، ليصبح اسمه مرتبطًا بقصة الإنسان الذي يكافح ويُحرم رغم ما يحققه من نجاح.

 

بدأ أنور حياته في بيتٍ صعب، إذ طرده والده، ووجد نفسه يتنقل بين صعوبات الحياة وقسوتها، لا يجد حتى لقمة يأكلها. عمل في بداياته مع فرقة يوسف وهبي مقابل أجر زهيد لا يتجاوز قرشًا في الليلة، وهو ما جعله يذوق مرارة الفقر بعُمق. خلال هذه المرحلة، تمنّى أن يُعطيه الله الشهرة والمال، ولو على حساب صحته، وهو ما حدث بالفعل، إذ أصبح لاحقًا من نجوم الصف الأول في السينما المصرية، وامتلك ثروات ضخمة، وحقق مجدًا فنيًا واسعًا لم يحققه كثيرون من أبناء جيله.

 

لكن القدر لم يكن رحيمًا، فقد داهمه مرض غامض وهو في أوج نجاحه ومجده الفني. لقد تمنّى أن يعود إليه صحته، ولو على حساب ثروته، لكن الموت باغته بعيدًا عن وطنه، ليترك وراءه مأساة غريبة.

 

ويروي الشاعر الكبير كامل الشناوي تفاصيل نهاية أنور قائلاً:

 

“كنت في طريقي إلى دار أحد أصدقائي بالزمالك، وكان معي الفنان محمد عبدالوهاب، فأشار إلى فيلا أنيقة وقال: هذه هي الفيلا التي كان المرحوم أنور وجدي قد اشتراها قبيل وفاته وأعدها لمسكنه، لكنه مات قبل أن تطأها قدماه.”

 

ويضيف الشناوي عن مواقف غريبة بعد الوفاة، مستشهدًا بما رواه الكاتب والمخرج جليل البنداري، الذي كان يسجل معلومات عن أنور في ورقة أخفاها في جيبه، قائلاً:

 

“الفيلا التي دفع فيها أنور معظم ثروته لم يدخلها، والعمارة التي أنشأها لم يسكنها، وحتى بعد وفاته لم يجد الجثمان مكانًا يبيت فيه إلا فوق الرصيف تحت حراسة موظف اسمه ليون، إلى أن نُقل إلى المقبرة.”

 

ويكمل الشناوي:

 

“عندما وصلت الطائرة التي تقل جثمان أنور، كانت قرينته ليلى فوزي وسط الناس، وظل الجثمان في حراسة ليون حتى صباح اليوم التالي، قبل أن يُنقل إلى المقبرة. ولم يكن أي من أهله أو أصدقائه ممن لهم الحق في التركة مشاركين في دفنه سوى عدد قليل من المخلصين.”

 

إنها حكاية الإنسان الذي عانى الفقر والحرمان في شبابه، وكافح ليحقق المجد، لكنه في النهاية واجه المرض والموت قبل أن يتمكن من التمتع بما جمعه من مال وثراء. فالفيلا التي شيدها لم يسكنها، والعمارة التي بناها لم يستفد منها، والمال الذي جمعه لم ينفق منه إلا على مرضه وموته.

 

إن قصة أنور وجدي ليست مجرد حكاية فنان ناجح، بل درسٌ عن قسوة الحياة والقدر، وعن التناقض المأساوي بين النجاح والحرمان، بين المجد والمرض، بين الأحلام المحققة والآمال التي لم تُكتب لها الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى