توب ستوريخدمي

زهران ممداني.. أول عمدة مسلم في تاريخ نيويورك

قبل عام واحد فقط، لم يكن اسم زهران ممداني معروفًا على الساحة السياسية الأمريكية، أما اليوم فأصبح الاشتراكي الديمقراطي البالغ من العمر 34 عامًا أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك، في إنجاز لافت تجاوز صداه حدود المدينة ليصل إلى الولايات المتحدة والعالم أجمع.

صعود سياسي لافت

شهد ممداني صعودًا سياسيًا سريعًا، بفضل حضوره الذكي على وسائل التواصل الاجتماعي وحملته الشعبية التي حظيت بتفاعل إعلامي واسع.

وقدّم ممداني نموذجًا جديدًا في حشد الناخبين التقدميين عبر الإنترنت، في تناقض واضح مع مرشح الحرس القديم أندرو كومو، حاكم الولاية السابق المدان، الذي خاض الانتخابات مستقلاً معتمدًا على دعم الأثرياء والشركات الكبرى.

يمثل كلٌّ من ممداني وكومو جناحين متناقضين للحزب الديمقراطي؛ أحدهما يمثل المؤسسة التقليدية التي تراجعت شعبيتها، والآخر يعكس طموح التيار التقدمي الباحث عن تغيير حقيقي في المشهد السياسي الأمريكي.

الجذور والنشأة

وُلد زهران ممداني في كامبالا عاصمة أوغندا، وانتقل مع أسرته إلى نيويورك في سن السابعة.
والده مخرج سينمائي وأستاذ في جامعة كولومبيا. التحق بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم الحكومية، حيث شارك في تأسيس أول فريق كريكيت هناك.

حصل على درجة البكالوريوس في الدراسات الإفريقية من كلية بودوين عام 2014، حيث أسس أول فرع لمنظمة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، ونال الجنسية الأمريكية عام 2018.

قبل دخوله السياسة، عمل ممداني منظمًا مجتمعيًا ومستشارًا في مجال منع حبس الرهن العقاري. وفي نوفمبر 2020، انتُخب عضوًا في مجلس ولاية نيويورك عن الدائرة السادسة والثلاثين، ليصبح أول أوغندي وثالث مسلم يشغل هذا المنصب.

حياته الشخصية

التقى الفنانة والرسامة الأمريكية السورية راما دوجي عبر تطبيق مواعدة عام 2021، وتزوجها في حفل مدني بمدينة نيويورك مطلع هذا العام.

تأييد واسع رغم الجدل

منذ فوزه الكبير في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لمنصب العمدة في 24 يونيو، حظي ممداني بدعم متزايد من كبار الديمقراطيين الوسطيين في نيويورك، مثل كامالا هاريس نائبة الرئيس السابقة، وكاثي هوشول حاكمة الولاية، وحكيم جيفريز زعيم الأقلية في مجلس النواب.
كما اجتذب دعمًا شعبيًا واسعًا من المتبرعين الصغار عبر حملته الجريئة التي ركّزت على خفض تكاليف المعيشة وتحسين جودة الحياة.

حملة تواصل رقمي فعالة

بأسلوب مرح وأنيق على منصّات تيك توك وإنستجرام، نجح ممداني في اجتذاب آلاف الشباب والمتطوعين، مقدّمًا محتوى سياسيًا ساخرًا دون أن يفقد عمقه.
وركّز في حملته على قضايا أساسية مثل أسعار الإيجارات، رعاية الأطفال، وغلاء المعيشة، داعيًا إلى زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى، وتجميد أسعار الإيجارات، وتوفير النقل العام المجاني.

مواقفه السياسية والإنسانية

أثار ممداني جدلاً واسعًا بسبب مواقفه الصريحة من القضية الفلسطينية ودفاعه عن غزة وحقوق الفلسطينيين، إلى جانب مواقفه المؤيدة للمهاجرين.
هذه المواقف جعلته هدفًا لانتقادات الجمهوريين وبعض المعتدلين في الحزب الديمقراطي الذين وصفوا سياساته بأنها «غير واقعية»، محذرين من تأثيرها الاقتصادي على نيويورك.

في المقابل، يرى مؤيدوه أن شجاعته في مواجهة المؤسسة السياسية، وجرأته في انتقاد إسرائيل على جرائمها في غزة، جعلت منه رمزًا لجيل أمريكي جديد غاضب من التفاوت الطبقي وسياسات الوسط الديمقراطي الباهتة.

مواجهة مفتوحة مع ترامب

تصاعد التوتر بين ممداني والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي هدّد بإرسال الحرس الوطني إلى نيويورك وقطع التمويل الفيدرالي عنها.
ورغم هذه الهجمات، تمسّك ممداني برسالته الأساسية: جعل الحياة في نيويورك أكثر عدلاً ويسرًا، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة.

وهكذا، وجد الناخبون في زهران ممداني زعيمًا تقدميًا يعبر عن غضبهم وآمالهم، ليجلس اليوم على مقعد عمدة نيويورك في لحظة سياسية تُعد من أكثر اللحظات تحوّلًا في تاريخ المدينة والحزب الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى