جئنا إليكم من مصر أرض التاريخ والحضارة
التقى البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الأربعاء، بالبابا فرنسيس بابا الفاتيكان فى ساحة القديس بطرس.
وألقى البابا تواضروس الثانى كلمةً جاء نصها كالتالى:
الأخ الحبيب صاحب القداسة البابا فرانسيس
أصحاب النيافة، السيدات والسادة،
المسيح قام.. بالحقيقة قام
أود أن أنقل لكم تهنئتى وكل أعضاء المجمع المقدس وكل هيئات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالعيد العاشر لاختياركم الإلهى كبابا وأسقف لروما، وأُثَمِّن كل ما فعلتموه فى هذه الفترة من خدمة لكل العالم فى كل المجالات وأصلى أن يحفظكم المسيح فى كامل الصحة ويمنحكم بركة العمر الطويل.
أنظر الآن إلى هذا المكان وأعود بذاكرتى عشرة أعوام، فى نفس التاريخ متذكرًا محبتكم الغالية فى استقبالى ووفد الكنيسة القبطية فى زيارتى الأولى لكم، وكيف قضينا بصحبتكم وقتًا مقدسًا مملوءًا بالمحبة الأخوية التى غمرتمونا بها.
هذه المحبة التى صارت شعارًا نحتفل به سنويًا فى “يوم المحبة الأخوية” ونتحدث هاتفيًا لنجددها كل عام، وهو يوم يجسد الروح المسيحية والمحبة التى تجمعنا فى خدمة الله وخدمة إخوتنا وأخواتنا فى الإنسانية ليتم فينا قول يوحنا الحبيب “أيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لِأَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ ٱللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ ٱللهِ وَيَعْرِفُ ٱللهَ.” (1 يوحنا 4: 7).
لقد اخترنا المحبة حتى لو كنا نسير عكس تيار العالم الطامع والذاتى، لقد قبلنا تحدى المحبة التى يطلبها منا المسيح، وسنكون مسيحيون حقيقيون وسيصبح العالم أكثر إنسانية، ليعرف العالم كله أن الله محبة وهذه هى أسمى صفاته.
يتزامن هذا الموعد أيضًا مع الذكرى الخمسين لزيارة البابا شنودة الثالث للبابا بولس السادس وهذا ما يجعله أكثر أهمية وتأثيرًا على العلاقات بين كنائسنا، ولا أنسى شكركم بكل فرح على زيارتكم الغالية لنا فى مصر عام 2017 وكيف كانت بركة لكل مصر، وحين قلتم “نحن لسنا وحدنا، فى هذه المسيرة المشوقة والتى – على مثال الحياة – ليست دائمًا سهلة وواضحة، والتى من خلالها يحثنا الرب للمضى قدمًا، وتدفعنا لأن نكون منذ الآن صورة حية “لأورشليم السمائية”.
ونحن نسير معًا فى طريق الحياة واضعين نصب أعيننا وعده ” الَّذِى وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (1يو 2: 25) ونتعايش فيها ونتكامل معًا مسنودين بالصلاة بحسب هذا الوعد، مهما اختلفت جذورنا وانتماءاتنا فتجمعنا محبة المسيح الساكنة فينا وسحابة من الاَباء الرسل والقديسين تحيط بنا وترشدنا.
لقد جئنا إليكم من الأرض التى كرز فيها مارمرقس الرسول
وتأسس فيها كرسيه فى الإسكندرية
ليكون واحدًا من أقدم الكراسى الرسولية فى العالم
أرض مصر التاريخ والحضارة
يقولون عنها أنها فلتة الطبيعة، أبوها التاريخ وأمها الجغرافيا.
جئت إليكم من الكنيسة القبطية التى تأسست فى القديم بنبوة فى سفر اشعياء النبى
“فِى ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِى وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا” (أش 19: 19).
ثم تقدست بزيارة العائلة المقدسة وباركت أرضها شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا.
مصر الأرض التى انتشرت منها الرهبنة المسيحية وتأسست بقديسيها
انطونيوس ومكاريوس وباخوميوس، ملهمة مدرسة الإسكندرية منارة اللاهوت فى التاريخ!
وكانت ولازالت مواضع مقدسة للصلاة أمام الله.
ونؤمن أنها محفوظة ليس فقط فى يد الله بل وفى قلبه أيضًا.
أننى أقف هنا حيث كرز بولس وبطرس الرسولين، وأفرح أن نلتقى فى هذا الصرح العظيم وأتأمل هذه الأعمدة التى تحمل هذا المكان وأتذكر وعد الرب لملاك كنيسة فيلادلفيا: “من يغلب فسأجعله عمودًا فى هيكل إلهى، ولا يعود يخرج إلى الخارج” (رؤ 3: 12). وأطلب منكم جميعا أن نتمسك بهذا الوعد، أن نغلب شر العالم بكل ضعفاته كما علمنا الآباء، وأن نكون على قدر المسؤولية التى نحملها، ونعيش كرائحة المسيح الذكية لهذا العالم وأن نجتمع لأجل سلامه.
إننا فى هذا العالم نسير كما سار هو، نهتف مع داود المرنم فى مزموره “تَمَسَّكَتْ خُطُوَاتِى بِآثَارِكَ فَمَا زَلَّتْ قَدَمَاى” (مَزَ 17:5 ) وننادى فى كل العالم بالسلام الذى يفوق كل عقل مصلين أن يحل فى كل الربوع وأن يكون هو أولوية القادة والشعوب.
أصلى معكم اليوم ولى كل الرجاء أن يستمع الله إلى صلواتنا.