توب ستوريخدمي

الحب بعد الأربعين.. نضج أم مغامرة؟

عند الأربعين، تتغير نظرتنا للحياة، وتصبح المشاعر أكثر هدوءًا وصدقًا. كثيرون يظنون أن الحب في هذه المرحلة رفاهية أو مغامرة مؤجلة، بينما يراه آخرون تجربة أكثر وعيًا ونضجًا من أي حبٍ مضى. لكن.. هل يمكن حقًا أن يولد الحب من جديد بعد الأربعين؟

في هذه السن، يكون الإنسان قد خاض تجارب عديدة، بعضها انتهى بالخذلان أو الفقد أو الطلاق، وبعضها مضى دون اكتمال. ومع ذلك، يظل القلب قابلًا للحياة، كأنه يرفض أن يشيخ. الحب بعد الأربعين لا يشبه حب المراهقة، فهو لا يبحث عن الإثارة بقدر ما يبحث عن الأمان، ولا يسعى إلى الامتلاك بقدر ما يشتاق إلى الرفقة الصادقة.

تقول “منى.ع”، سيدة في منتصف الأربعين: “كنت أظن أن قطار الحب فاتني، حتى التقيت من يفهمني دون كلام، لا أريده أن يغيّر حياتي، فقط أن يشاركها معي.”
هذا النوع من الحب، كما يصفه علم النفس، هو “حب الوعي” — حيث يدرك كل طرف احتياجاته وحدوده، فلا يدخل العلاقة ليُكمل الآخر، بل ليتشارك معه رحلة جديدة من التفاهم والنضج.

لكن رغم دفء هذا الحب، يواجه أصحابه أحكامًا قاسية من المجتمع. فالرجل الذي يحب بعد الأربعين يُتهم بأنه يطارد الشباب الهارب، والمرأة تُنتقد لأنها “تتدلل في غير وقتها”، كأن المشاعر يجب أن تُطفأ عند عمرٍ معين. غير أن هؤلاء المنصفين قليلون الذين يدركون أن العمر لا يُقاس بالسنوات، بل بالقدرة على العطاء.

الحب بعد الأربعين ليس مغامرة متأخرة، بل خطوة ناضجة تتخذها القلوب التي تعلّمت من التجارب السابقة معنى الصبر، وكيف تزن العاطفة بالعقل دون أن تخنقها. هو حب لا يطلب الكثير، لكنه يمنح الكثير.

يقول أحد علماء الاجتماع: “العلاقة التي تبدأ بعد الأربعين غالبًا ما تكون أعمق وأصدق، لأن أصحابها لا يسعون للانبهار، بل للتفاهم، ولا يخافون من الوضوح، بل يقدسونه.”

ربما لم يعد القلب يخفق بالجنون نفسه، لكنه يخفق بالوعي، والدفء، والسكينة.
فالحب بعد الأربعين ليس مغامرة.. إنه نضج يستحق أن يُعاش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى