أنعدمت فيها الإنسانية، وتجردت من كل معانيها، ولم تشعر بالنعمة التي حرم منها الكثير في شتى بقاع الأرض، فهناك من يتمنون أن يرزقوا بطفل حتى وإن لم يكن قادرًا على التحرك، لكنها هي من كتبت السطور الأخيرة في حياة طفلتها بأبشع الوسائل التي تدل على عدم رحمتها.
طفل صغيرة مريضة وملقاه على أحد الأسرّة في المستشفى، تستنجد بمن يداوي جراحها، ولكن طلقة الغدر جاءتها من أقرب الأقربين حيث كانت والدتها أول من تخلص منها، بـ”سيرنجة” ممتلئة بـ”ماية نار” وضعتها السيدة في فم طفلتها لتشربها، للتتحول بعد دقائق إلى جثة هامدة لم يبقى فيها أي نفس.
أحداث الواقعة التي دارت تعود عندما اكتشف طاقم التمريض بمستوصف خاص بمدينة الرحمانية، تدهور الحالة الصحية للطفلة ووجود آثار تآكل على شفتيها فسارعوا بإبلاغ الطبيب، وتم توجيه تهمة الإهمال لفريق التمريض، وتبين أن والدتها طلبت من التمريض أن ترضعها، وعقب الانفراد بها أخرجت من طيات ملابسها سرنجة بها مادة كاوية “مية نار”، وأرضعت الطفلة المادة الكاوية، وألقت السرنجة في سلة المهملات عقب الانتهاء من جريمتها، ثم تركت المجني عليها للمرضة المختصة في غرفة رعاية حديثي الولادة.
وعقب عودة والد الطفلة المجني عليها، الذي كان يعمل خارج البلاد، أثناء وقوع الحادث، حرر محضرًا بالواقعة، أكد فيه أنه تلقى اتصالا من شقيقه يخبره أن ابنته، توفيت نتيجة إرضاعها بمادة كيماوية من زوجته، ليتم إخراج الجثمان، بعد صدور قرار النيابة وإثبات صحة ما تحرر بالمحضر.
وأثبت تقرير الطب الشرعي الخاص بالطفلة الرضيعة، أن آثار المادة الكاوية التي تسببت في قتل المجني عليها، كانت حول فمها من جميع الجهات وعلى وجهها، وأن تلك المادة الكاوية، تسببت في فشل وظائف التنفس للمجني عليها، وأدت لوفاتها.
و أكدت التحريات التى أجرتها المباحث الجنائية بمديرية أمن البحيرة ومباحث مركز الرحمانية أن المستوصف الطبي الذى وقع فيه الجريمة كان على علم بالواقعة، شاهدوا ما حدث عبر كاميرات المراقبة الموجودة في غرفة رعاية الأطفال حديثي الولادة، لكنهم لم يبلغوا عن الواقعة، بعد طلب أهلية الطفلة والمتهمة عدم الإبلاغ بحجة عدم فضح الأم المتهمة، لكن التحقيقات توصلت إلى المشاهد التي رصدتها كاميرات المركز الطبي، وجرى تفريغها فتبين كيفية ارتكاب الجريمة بالكامل.
وكشفت التحقيقات عن أن والد الأم المتهمة كان على علم بوقوع الجريمة، لكنه لم يبلغ أيضا، فأحالت النيابة الأم للمحاكمة، بتهمة قتل الرضيعة عمدا، وأحالت والد المتهمة وموظفي المركز الطبي للمحاكمة، باتهامات الاشتراك في تزوير أوراق دخول وخروج الطفلة المجني عليها من المركز، وإخفاء أدلة عن جهات التحقيق.
وقضت محكمة جنايات دمنهور “الدائرة الحادية عشرة” المنعقدة بمحكمة الرحمانية، برئاسة المستشار عبد الحي بقوش، وعضوية المستشارين حسن أبو زهرة، وأمير أبو العز، اليوم الثلاثاء، بالإعدام شنقًا لربة المنزل، كما قضت هيئة المحكمة على باقي المتهمين في القضية ،إبراهيم. ف. أ ، أحمد. إ. ا، محمد. ج. ا، محمد. ع. ا أطباء، بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ.